على صدورهم مبلسين، فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر : استبشروا وابتهجوا، فإذا أرسل ريحا فضرب زروعهم بالصفار، ضجوا وكفروا بنعمة اللّه. فهم في جمع هذه الأحوال على الصفة المذمومة، كان عليهم أن يتوكلوا على اللّه وفضله، فقنطوا. وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها، فلم يزيدوا على الفرح والاستبشار. وأن يصبروا على بلائه، فكفروا. والريح التي اصفرّ لها النبات : يجوز أن تكون حرورا وحرجفا، فكلتاهما مما يصوح «١» له النبات ويصبح هشيما. وقال : مصفرّا : لأنّ تلك صفرة حادثة. وقيل : فرأوا السحاب مصفرا، لأنه إذا كان كذلك لم يمطر.
[سورة الروم (٣٠) : آية ٥٤]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤)
قرئ : بفتح الضاد وضمها، وهما لغتان، والضم أقوى في القراءة، لما روى ابن عمر رضى اللّه عنهما : قال : قرأتها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من ضعف، فأقرأنى من ضعف «٢».
قوله خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ كقوله خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ يعنى أنّ أساس أمركم وما عليه؟؟؟ بلتكم وبنيتكم الضعف وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً أى ابتدأناكم في أوّل الأمر ضعافا، وذلك حال الطفولة والنشء حتى بلغتم وقت الاحتلام والشبيبة، وتلك حال القوّة إلى الاكتهال وبلوغ الاشدّ، ثم رددتم إلى أصل حالكم وهو الضعف بالشيخوخة والهرم. وقيل : من ضعف من؟؟؟ النطف، كقوله تعالى مِنْ ماءٍ مَهِينٍ وهذا الترديد في الأحوال المختلفة، والتغيير من هيئة إلى؟؟؟ الهيئة وصفة إلى صفة : أظهر دليل وأعدل شاهد على الصانع العليم القادر.
[سورة الروم (٣٠) : آية ٥٥]
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥)
السَّاعَةُ القيامة، سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا. أو لأنها تقع؟؟؟ بغتة وبديهة. كما تقول :«في ساعة» لمن تستعجله، وجرت علما لها كالنجم للثريا، والكوكب للزهرة. وأرادوا : لبثهم في الدنيا، أو في القبور، أو فيما بين فناء الدنيا إلى البعث. وفي الحديث :

__
(١). قوله «و حرجفا... الخ» في الصحاح «الحرجف» : الريح الباردة. وفيه أيضا «صوحته الريح» :
؟؟؟ أيبسته. (ع)
(٢). أخرجه أبو داود والترمذي وإسحاق والبزار من حديث عطية عن ابن عمر دون التفسير ورواه ابن مردويه من رواية أبى عمرو بن العلاء عن نافع عن ابن عمر لكن في إسناده سلام بن سليمان.


الصفحة التالية
Icon