بذلك حتى جعله ظهر أمّه فلم يترك. فإن قلت : الدعىّ فعيل بمعنى مفعول، وهو الذي يدعى ولدا فما له جمع على افعلاء، وبابه : ما كان منه بمعنى فاعل، كتقى وأتقياء، وشقىّ وأشقياء، ولا يكون ذلك في نحو رمى وسمى. قلت : إن شذوذه عن القياس كشذوذ قتلاء وأسراء، والطريق في مثل ذلك التشبيه اللفظي ذلِكُمْ النسب هو قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ هذا ابني لا غير من غير أن يواطئه اعتقاد لصحته وكونه حقا. واللّه عز وجل لا يقول إلا ما هو حق ظاهره وباطنه، ولا يهدى إلا سبيل الحق. ثم قال ما هو الحق وهدى إلى ما هو سبيل الحق، وهو قوله ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ وبين أن دعاءهم لآبائهم هو أدخل الأمرين في القسط والعدل، وفي فصل هذه الجمل ووصلها «١» : من الحسن والفصاحة ما لا يغبى على عالم بطرق النظم. وقرأ قتادة :
وهو الذي يهدى السبيل. وقيل : كان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه جلد الرجل وظرفه : ضمه إلى نفسه وجعل له مثل نصيب الذكر من أولاده من ميراثه، وكان ينسب إليه فيقال : فلان ابن فلان فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا لهم آباء تنسبونهم إليهم «فهم» فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وأولياؤكم في الدين فقولوا : هذا أخى وهذا مولاي، ويا أخى، ويا مولاي : يريد الأخوّة في الدين والولاية فيه ما تَعَمَّدَتْ في محل الجرّ عطفا على ما أخطأتم. ويجوز أن يكون مرتفعا على الابتداء، والخبر محذوف تقديره : ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح. والمعنى : لا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين جاهلين قبل ورود النهى، ولكن الإثم فيما تعمدتموه بعد النهى.
أو لا إثم عليكم إذا قلتم لولد غيركم يا بنىّ على سبيل الخطإ وسبق اللسان، ولكن إذا قلتموه متعمدين. ويجوز أن يراد العفو عن الخطإ دون العمد على طريق العموم، كقوله عليه الصلاة والسلام «ما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم العمد» «٢» وقوله عليه الصلاة والسلام وضع عن أمّتى الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه «٣»» ثم تناول لعمومه خطأ التبني وعمده.
فإن قلت : فإذا وجد التبني فما حكمه؟ قلت : إذا كان المتبنى مجهول النسب وأصغر سنا من المتبنى ثبت نسبه منه، وإن كان عبدا له عتق مع ثبوت النسب، وإن كان لا يولد مثله لمثله لم

__
(١). قوله «و في فصل هذه الجمل ووصلها» أى : فصل ما فصل منها ووصل ما وصل. (ع) [.....]
(٢). أخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي في الشعب من طريق جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبى هريرة مرفوعا أتم منه. وأخرجه الطبراني في الأوسط وفي مسند الشاميين من رواية ثابت بن عجلان حدثني عطاء عن عائشة رضى اللّه عنها.
(٣). أخرجه ابن عدى من رواية حسن بن برقة حدثني أبى عن الحسن عن أبى بكرة رفعه «رفع اللّه عن هذه الأمة ثلاثا : الخطأ والنسيان والأمر المكرهون عليه» هذه من منكرات جعفر. وأخرجه ابن ماجة وابن حبان من حديث ابن عباس. فأما ابن حبان فقال : عن عطاء عن عبيد بن عمير عنه، بلفظ «إن اللّه تجاوز» وأما ابن ماجة فقال عن الأوزاعى «إن اللّه وضع»


الصفحة التالية
Icon