والضعاف القلوب : الذين هم على حرف، والمنافقون : الذين لم يوجد منهم الإيمان إلا بألسنتهم فظن الأولون باللّه أنه يبتليهم ويفتنهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال، وأمّا الآخرون فظنوا باللّه ما حكى عنهم. وعن الحسن : ظنوا ظنونا مختلفة : ظن المنافقون أنّ المسلمين يستأصلون، وظنّ المؤمنون أنهم يبتلون. وقرئ : الظنون، بغير ألف في الوصل والوقف وهو القياس، وبزيادة ألف في الوقف زادوها في الفاصلة، كما زادها في القافية من قال :
أقلّى الّلوم عاذل والعتابا «١»
وكذلك الرسولا والسبيلا. وقرئ بزيادتها في الوصل أيضا، إجراء له مجرى الوقف. قال أبو عبيد : وهنّ كلهنّ في الإمام بألف. وعن أبى عمرو إشمام زاى زلزلوا. وقرئ زلزالا بالفتح. والمعنى : أنّ الخوف أزعجهم أشد الإزعاج
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٢ إلى ١٤]
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤)
إِلَّا غُرُوراً قيل قائله : معتب بن قشير حين رأى الأحزاب قال : يعدنا محمد فتح فارس والروم، وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فرقا «٢»، ما هذا إلا وعد غرور طائِفَةٌ مِنْهُمْ هم أوس بن قيظى ومن وافقه على رأيه. وعن السدى عبد اللّه بن أبىّ وأصحابه. ويثرب : اسم

__
(١) أقلى اللوم عاذل والعتابا وقولي إن أصبت لقد أصابا
إذا غضبت على بنو تميم وجدت الناس كلهم غضابا
لجرير، وزاد الألف في القافية للإطلاق، وبنو تميم ينشدون مثل ذلك بتنوين الترنم بدل حرف الإطلاق. قال الزمخشري : إذا وصل المنشد ولم يقف، وظاهر كلام النحويين : أنه إنما يجيء في الوقف. وعاذل : منادى، مرخم عاذلة. يقول : اتركي ملامى وعتابى، وإن فعلت صوابا فاعترفى به، ويروى بكسر التاء، فالمعنى : أن لومك خطأ فإذا أردت الصواب فقولي : لقد أصاب، وجعل غضب بنى تميم غضب كل الناس، لأن ما عداهم تبع. أو كالمعدوم.
ويروى : إذا غضبت عليك، والخطاب لكل سامع.
(٢). قوله «فرقا» أى خوفا. (ع)


الصفحة التالية
Icon