إليها، حين علمت أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذكرها، فوليتها ظهري وقلت : يا زينب، أبشرى إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخطبك، ففرحت وقالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربى، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن «١» زَوَّجْناكَها فتزوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ودخل بها، وما أو لم على امرأة من نسائه ما أو لم عليها : ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتدّ النهار. فإن قلت : ما أراد بقوله وَاتَّقِ اللَّهَ؟ قلت : أراد : واتق اللّه فلا تطلقها، وقصد نهى تنزيه لا تحريم، لأن الأولى أن لا يطلق. وقيل : أراد : واتق اللّه فلا تذمّها بالنسبة إلى الكبر وأذى الزوج. فإن قلت : ما الذي أخفى في نفسه؟ قلت : تعلق قلبه بها.
وقيل : مودة مفارقة زيد إياها. وقيل : علمه بأن زيدا سيطلقها وسينكحها، لأن اللّه قد أعلمه بذلك. وعن عائشة رضى اللّه عنها : لو كتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئا مما أوحى إليه لكتم هذه الآية «٢». فإن قلت : فما ذا أراد اللّه منه أن يقوله حين قال له زيد : أريد مفارقتها، وكان من الهجنة أن يقول له : افعل، فإنى أريد نكاحها؟ قلت : كأن الذي أراد منه عز وجل أن يصمت عند ذلك، أو يقول له : أنت أعلم بشأنك، حتى لا يخالف سره في ذلك علانيته، لأن اللّه يريد من الأنبياء تساوى الظاهر والباطن، والتصلب في الأمور، والتجاوب في الأحوال، والاستمرار على طريقة مستتبة، كما جاء في حديث إرادة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتل عبد اللّه بن أبى سرح واعتراض عثمان بشفاعته له : أن عمر قال له : لقد كان عينى إلى عينك، هل تشير إلىّ فأقتله، فقال : إن الأنبياء لا تومض، «٣» ظاهرهم وباطنهم واحد «٤». فإن قلت :
(١). ذكره الثعلبي بغير سند. وأخرج الطبري معناه من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قوله، وفي الصحيحين عن أنس قصة زينب وزيد مختصرة. وليس فيه مما في أوله.
(٢). متفق عليه من حديث عائشة رضى اللّه عنها.
(٣). قوله «لا تومض» في الصحاح : أو مضت المرأة، إذا سارقت النظر. (ع)
(٤). لم أجده، وفي الدلائل للبيهقي من رواية الحسن بن بشر عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس رضى اللّه عنه قال «أمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس يوم فتح مكة إلا أربعة من الناس - فذكر الحديث قال «و نذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد اللّه بن سعد إذا رآه فأتى به عثمان فشفع له، فجعل الأنصارى يتردد ويكره أن يقدم عليه. فبايعه النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم قال للأنصارى : قد انتظرتك. قال : يا رسول اللّه أفلا أرمضت إلى؟ قال : إنه ليس للنبي أن يومض» وأخرجه الطبري من رواية سعيد عن قتادة مرسلا. وروى عبد الرزاق من طريق مقسم مولى ابن عباس قال «لما كانت المدة بين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين قريش - فذكر الحديث بطوله وفيه «و أمن الناس إلا أربعة. وفيه فجاء عثمان بابن أبى سرح. فقال : بايعه يا رسول اللّه فأعرض عنه ثم جاء فبايعه فقال لقد أعرضت عنه ليقتله بعضكم فقال رجل من الأنصار هلا أومضت إلينا يا رسول اللّه؟ قال :
إن النبي لا يومض» وهذا مرسل أيضا وأخرجه أبو داود وغيره من حديث سعد بن أبى وقاص نحو الأول، لكن في آخره «ثم أقبل على أصحابه فقال : أفما كان فيكم رجل رشيد، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عنه فيقتله؟
قالوا : وما يدرينا يا رسول اللّه ما في نفسك، هلا أومأت إلينا بعينك؟ قال : لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين.