ليلة المعراج وله ستمائة جناح «١»، وروى أنه سأل جبريل عليه السلام أن يتراءى له في صورته فقال : إنك لن تطيق ذلك. قال :«إنى أحب أن تفعل «٢» فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ليلة مقمرة، فأتاه جبريل في صورته فغشى على النبي صلى اللّه عليه وسلم، ثم أفاق وجبريل عليه السلام مسنده وإحدى يديه على صدره والأخرى بين كتفيه، فقال : سبحان اللّه! ما كنت أرى أن شيئا من الخلق هكذا، فقال جبريل : فكيف لو رأيت إسرافيل : له اثنا عشر جناحا :
جناح منها بالمشرق، وجناح بالمغرب. وإن العرش على كاهله، وإنه ليتضاءل الأحايين لعظمة اللّه حتى يعود مثل الوصع «٣» وهو العصفور الصغير. وروى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ :«هو الوجه الحسن، والصوت الحسن، والشعر الحسن» وقيل «الخط الحسن» وعن قتادة : الملاحة في العينين، والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق : من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام في الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل «٤»، وجزالة في الرأى، وجراءة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة»
في اللسان ولباقة في التكلم «٦»، وحسن تأنّ في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف.
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٢]
ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)
استعير الفتح للإطلاق والإرسال. ألا ترى إلى قوله فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ مكان : لا فاتح له، يعنى : أى شيء يطلق اللّه من رحمة أى من نعمة رزق أو مطر أو صحة أو أمن أو غير ذلك من صنوف نعمائه التي لا يحاط بعددها. وتنكيره الرحمة للإشاعة والإبهام، كأنه قال : من أية رحمة كانت سماوية أو أرضية، فلا أحد يقدر على إمساكها وحبسها، وأىّ شيء يمسك اللّه فلا أحد يقدر على إطلاقه. فإن قلت : لم أنث الضمير أوّلا، ثم ذكر آخرا؟ وهو راجع في الحالين إلى الاسم المتضمن معنى الشرط؟ قلت : هما لغتان : الحمل على المعنى وعلى اللفظ، والمتكلم على الخيرة
(١). متفق عليه من حديث ابن مسعود «أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح» ولفظ ابن حبان «رأيت جبريل عند سدرة المنتهى وله ستمائة جناح ينتشر في ريشه الدر والياقوت»
(٢). أخرجه ابن المبارك في الزهد. والثعلبي من طريقه أخبرنا الليث عن عقيل عن الزهري بهذا. وزاد «و الوصع عصفور صغير حتى ما يحمل عرشه إلا عظمته» الوصع بفتح الصاد المهملة بعدها مهملة أيضا
(٣). قوله «مثل الوصع وهو العصفور» في الصحاح «الوصع» : طائر أصغر من العصفور. (ع)
(٤). قوله «و حصافة» أى : إحكام. أفاده الصحاح. (ع) [.....]
(٥). قوله «و ذلاقة» أى : حدة وطلاقة، أفاده الصحاح. (ع)
(٦). قوله «و لباقة في التكلم» أى حذق. أفاده الصحاح. (ع)