والتفصيل. عن ابن عباس : كان في لسانه رتة «١» لما روى من حديث الجمرة «٢». ويروى أن يده احترقت، وأن فرعون اجتهد في علاجها فلم تبرأ، ولما دعاه قال : إلى أى رب تدعوني؟ قال :
إلى الذي أبرأ يدي وقد عجزت عنها. وعن بعضهم : إنما لم تبرأ يده لئلا يدخلها مع فرعون في قصعة واحدة فتنعقد بينهما حرمة المواكلة. واختلف في زوال العقدة بكمالها فقيل : ذهب بعضها وبقي بعضها، لقوله تعالى وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً وقوله تعالى وَلا يَكادُ يُبِينُ وكان في لسان الحسين بن على رضى اللّه عنهما رتة «٣» فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
ورثها من عمه موسى. وقيل : زالت بكمالها لقوله تعالى قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى وفي تنكير العقدة - وإن لم يقل عقدة لساني - : أنه طلب حل بعضها إرادة أن يفهم عنه فهما جيدا، ولم يطلب الفصاحة الكاملة. ومِنْ لِسانِي صفة للعقدة كأنه قيل : عقدة من عقد لساني.
الوزير من الوزر، لأنه يتحمل عن الملك أو زاره ومؤنة. أو من الوزر «٤»، لأن الملك يعتصم برأيه ويلجئ إليه أموره. أو من المؤازرة وهي المعاونة. عن الأصمعى قال : وكان القياس أزيرا، فقلبت الهمزة إلى الواو، ووجه قلبها أنّ فعيلا جاء في معنى مفاعل مجيئا صالحا، كقولهم : عشير وجليس وقعيد وخليل وصديق ونديم، فلما قلبت في أخيه قلبت فيه، وحمل الشيء على نظيره ليس بعزيز، ونظرا إلى يوازر وأخواته، وإلى الموازرة. وَزِيراً وهارُونَ مفعولا قوله اجْعَلْ قدم ثانيهما على أولهما عناية بأمر الوزارة. أو لِي وَزِيراً مفعولاه، وهرون عطف بيان للوزير. وأَخِي في الوجهين بدل من هرون، وإن جعل عطف بيان آخر جاز وحسن.
قرءوا جميعا اشْدُدْ وَأَشْرِكْهُ على الدعاء. وابن عامر وحده : اشدد. وأشركه، على الجواب.

__
(١). قوله «كان في لسانه رتة» في الصحاح «الرتة» بالضم : العجمة في الكلام. وحديث الجمرة : أن موسى كان يلعب بين يدي فرعون وبيده قضيب، فضرب به رأسه، فغضب وهمّ بقتله، فقالت له امرأته. إنه صبى لا يعقل وجربه إن شئت، فجاءت بطشتين في أحدهما جمر وفي الآخر جوهر، فمد موسى يده إلى الجوهر، فحولها جبريل إلى الجمر فوضع جمرة في فمه فاحترق لسانه. (ع)
(٢). لم أره هكذا، وإنما وقع في حديث القنوت الطويل الذي أخرجه النسائي وغيره من طريق القاسم بن أبى أيوب عن سعيد بن جبير «سألت ابن عباس رضى اللّه عنهما عن قوله تعالى وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً - فذكره بطوله في أربع ورقات - فذكر فيه قصة آسية وفرعون. وقولها : قرب إليه جمرتين ولؤلؤتين وأنه أخذ الجمرتين فانتزعتهما منه مخافة أن يحرقا يده. وهذا يدل على أنه لم يرفعهما إلى فيه. وهو أصح ما ورد في ذلك. وروى الحاكم من طريق وهب بن منبه فذكر قصة وفيها قالت : جربه. إن شئت اجعل في هذا جمرة وذهبا فانظر أيهما يقبض. قال : فأخذ الجمرة وألقاها في فيه ثم قذفها حين وجد حرارتها» ويقال : إن العقدة التي كانت في لسان موسى من أثر تلك الجمرة التي التقمها.
(٣). لم أجده.
(٤). قوله «الوزير من الوزر» أى الثقل. وقوله «أو من الوزر» أى الملجأ. أفاده الصحاح. (ع)


الصفحة التالية
Icon