مجاهد : ما بين العشرين إلى الستين. وقيل : ثماني عشر وسبع عشر. والنَّذِيرُ الرسول صلى اللّه عليه وسلم. وقيل : الشيب. وقرئ : وجاءتكم النذر. فإن قلت : علام عطف وجاءكم النذير؟
قلت : على معنى : أو لم نعمركم، لأن لفظه لفظ استخبار. ومعناه معنى إخبار، كأنه قيل : قد عمرناكم وجاءكم النذير.
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٣٨]
إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨)
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
كالتعليل، لأنه إذا علم ما في الصدور وهو أخفى ما يكون، فقد علم كل غيب في العالم وذات الصدور : مضمراتها، وهي تأنيث ذو في نحو قول أبى بكر رضى اللّه عنه : ذو بطن خارجة جارية «١» وقوله :
لتغنى عنّى ذا إنائك أجمعا «٢»
المعنى ما في بطنها من الحبل، وما في إنائك من الشراب، لأن الحبل والشراب يصحبان البطن والإناء. ألا ترى إلى قولهم : معها حبل، وكذلك المضمرات تصحب الصدور وهي معها.
وذو : موضوع لمعنى الصحبة.
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٣٩]
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩)

__
(١). أخرجه في الموطأ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة «أن أبا بكر كان نحلنى جداد عشرين وسقا - الحديث» وفيه «إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ قال : ذو بطن بنت خارجة أراها جارية، فولدت جارية» وقد تقدم طرف منه في الاسراء
(٢) وناولته من رسل كوماء جلدة وأغضبت عنه الطرف حتى تضلعا
إذا قال قدنى قلت باللّه حلفة لتغنى عنى ذا إنائك أجمعا
لحريث بن عتاب الطائي. والرسل - بالكسر - : اللبن القليل. والكوماء : السمينة. والجلدة : الصلبة. والاغضاء الغض والإغماض. والتضلع : امتلاء البطن حتى يرتفع الجنبان والضلوع. وغض طرفه عن الضيف كى لا يستحى إذا قال الضيف : قدنى، أى حسبي من الشرب قلت : باللّه. وروى : قال باللّه، فكأنه عبر عن نفسه بطريق الغيبة.
ويروى : إذا قلت قدنى قال، على أن الشاعر الضيف وليس بذاك. وحلفة : نصب بمعنى القسم قبله، أى : أحلف باللّه حلفة، ولتغنى : جواب القسم وفتح آخره لاتصاله تقديرا بنون التوكيد الخفيفة، أى : لتمنعنى عنى. وروى ثعلب لتغنن بنون التوكيد الثقيلة، أى : لتبعدن عنى، وكان حقه على اللغة المشهورة لتغنين، لكن حذفت ياؤه بعد الكسرة على لغة فزارة. وروى لتغنى بكسر اللام للتعليل، أى : اشرب لتغنى عنى صاحب إنائك وهو اللبن، وأضافه للاناء لأنه فيه، وأضاف الإناء لضمير الضيف لأنه في يده، وتبرأ من نسبته إلى نفسه دلالة على الكرم، وأجمع : توكيد للبن، أى لا ترد إلى ما في الإناء، بل أشربه كله.


الصفحة التالية
Icon