الشام : من لقيت به؟ قال : كعبا. قال : وما سمعته يقول؟ قال سمعته يقول : إنّ السماوات على منكب ملك. قال : كذب كعب. أما ترك يهوديته بعد «١» ثم قرأ هذه الآية.
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٤٢ إلى ٤٤]
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤)
بلغ قريشا قبل مبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنّ أهل الكتاب كذبوا رسلهم، فقالوا : لعن اللّه اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم، فو اللّه لئن أتانا رسول لنكونن أهدى من إحدى الأمم، فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كذبوه. وفي إِحْدَى الْأُمَمِ وجهان، أحدهما : من بعض الأمم، ومن واحدة من الأمم من اليهود والنصارى وغيرهم.
والثاني : من الأمّة التي يقال لها إحدى الأمم، تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة ما زادَهُمْ إسناد مجازى، لأنه هو السبب في أن زادوا أنفسهم. نفورا عن الحق وابتعادا عنه كقوله تعالى فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ. اسْتِكْباراً بدل من نفورا. أو مفعول له، على معنى : فما زادهم الا أن نفروا استكبارا وعلوّا فِي الْأَرْضِ أو حال بمعنى : مستكبرين وماكرين برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين. ويجوز أن يكون وَمَكْرَ السَّيِّئِ معطوفا على نفورا فإن قلت : فما وجه قوله وَمَكْرَ السَّيِّئِ؟ قلت : أصله : وأن مكروا السيئ، أى المكر السيئ، ثم ومكرا السيئ، ثم ومكر السيئ. والدليل عليه قوله تعالى وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ومعنى يحيق : يحيط وينزل. وقرئ : ولا يحيق المكر السيئ، أى : لا يحيق اللّه، ولقد حاق بهم يوم بدر. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم : لا تمكروا ولا تعينوا ما كرا، «٢» فإنّ اللّه تعالى يقول وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا، يقول اللّه تعالى : إنما بغيكم على
(١). لم أجده. وروى الطبري من رواية أبى وائل قال : جاء رجل إلى عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه فقال : من أين جئت؟ قال : من الشام فذكره مثله، إلا أنه لم يقل ما ترك يهوديته»
(٢). أخرجه ابن المبارك في الزهد. وقد تقدم في أول يونس [.....]