حتى رأوا الجنة والنار ورأوا ثواب أهلها. وعن عكرمة : لما خروا سجدا أراهم اللّه في سجودهم منازلهم التي يصيرون إليها في الجنة.
[سورة طه (٢٠) : آية ٧١]
قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)
لَكَبِيرُكُمُ لعظيمكم، يريد : أنه أسحرهم وأعلاهم درجة في صناعتهم. أو لمعلمكم، من قول أهل مكة للمعلم : أمرنى كبيرى، وقال لي كبيرى : كذا يريدون معلمهم وأستاذهم في القرآن وفي كل شيء. قرئ فَلَأُقَطِّعَنَّ ولأصلبنّ. بالتخفيف. والقطع من خلاف : أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، لأنّ كل واحد من العضوين خالف الآخر، بأن هذا يد وذاك رجل، وهذا يمين وذاك شمال. و«من» لابتداء الغاية : لأن القطع مبتدأ وناشئ من مخالفة العضو العضو، لا من وفاقه إياه. ومحل الجار والمجرور النصب على الحال، أى : لأقطعنها مختلفات، لأنها إذا خالف بعضها بعضا فقد اتصفت بالاختلاف. شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن الشيء الموعى في وعائه، فلذلك قيل فِي جُذُوعِ النَّخْلِ. أَيُّنا يريد نفسه لعنه اللّه وموسى صلوات اللّه عليه بدليل قوله آمَنْتُمْ لَهُ واللام مع الإيمان في كتاب اللّه لغير اللّه تعالى، كقوله تعالى يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وفيه نفاجة «١» باقتداره وقهره، وما ألفه وضرى به : من تعذيب الناس بأنواع العذاب. وتوضيع لموسى عليه السلام، واستضعاف له مع الهزء به : لأن موسى لم يكن قط من التعذيب في شيء.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٢ إلى ٧٦]
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)

__
(١). قوله «و فيه نفاجة» في الصحاح «رجل نفاج» إذا كان صاحب فخر وكبر. (ع)


الصفحة التالية
Icon