يقال حكم حكما كحلم، وهو الفهم للتوراة والفقه في الدين عن ابن عباس. وقيل : دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صبى فقال : ما للعب خلقنا، عن الضحاك. وعن معمر : العقل، وقيل النبوّة، لأنّ اللّه أحكم عقله في صباه وأوحى إليه.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٣ إلى ١٤]
وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤)
حَناناً رحمة لأبويه وغيرهما، وتعطفا وشفقة. أنشد سيبويه :
وقالت حنان ما أتى بك هاهنا أذو نسب أم أنت بالحي عارف «١»
وقيل : حنانا من اللّه عليه. وحنّ : في معنى ارتاح واشتاق، ثم استعمل في العطف والرأفة، وقيل للّه «حنان» كما قيل «رحيم» على سبيل الاستعارة. والزكاة : الطهارة، وقيل الصدقة، أى :
يتعطف على الناس ويتصدّق عليهم :
[سورة مريم (١٩) : آية ١٥]
وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)
(١) وأحدث عهد من أمينة نظرة على جانب العلياء إذ أنا واقف
فقالت حنان ما أتى بك هاهنا أذو نسب أم أنت بالحي عارف
لمنذر بن درهم الكلبي، يقول : وأقرب عهد : أى لقاء ورؤية لأمينة محبوبتى تصغير آمنة، هو نظرة منى لها بجانب تلك البقعة، إذ أنا واقف هناك : أى حين وقوفي بها. وفيه إشعار بأنه كان واقفا يترقب رؤيتها، فلما رأته هي قالت له : حنان أى أمرى حنان ورحمة لك، وهو من المواضع التي يجب فيها حذف المبتدأ لنيابة الخبر عن الفعل، لأنه مصدر محول عن النصب. وقولها «ما أتى بك هاهنا» استفهام تعجبي. أذو نسب : أى أأنت ذو نسب أم أنت عارف بهذا الحي؟ ويجوز أن «أ ذو نسب» بدل من ما الاستقامية : أى الذي حملك على المجيء هنا أو الذي ذلك عليه صاحب قرابة من الحي أى معرفتك به؟ ويجوز أن الاستفهام حقيقى حكته على لسان غيرها، لتلقنه الجواب بقولها :
أذو نسب...
الخ، مع معرفتها سبب مجيئه وهو حبها، ربما يسأله أحد من أهلها فيجيبه بأحد هذين الجوابين.