الأسف : الشديد الغضب. ومنه قوله عليه السلام في موت الفجأة «رحمة المؤمن وأخذة أسف للكافر «١»» وقيل : الحزين. فإن قلت. متى رجع إلى قومه؟ قلت : بعد ما استوفى الأربعين : ذا القعدة وعشر ذى الحجة. وعدهم اللّه سبحانه أن يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور، ولا وعد أحسن من ذاك وأجمل، حكى لنا أنها كانت ألف سورة كل سورة ألف آية، يحمل أسفارها سبعون جملا الْعَهْدُ الزمان، يريد : مدّة مفارقته لهم. يقال : طال عهدى بك، أى : طال زماني بسبب مفارقتك. وعدوه أن يقيموا على أمره وما تركهم عليه من الإيمان، فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل بِمَلْكِنا قرئ بالحركات الثلاث، أى : ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا، لو ملكنا أمرنا وخلينا وراءنا لما أخلفناه، ولكنا غلبنا من جهة السامري وكيده. أى : حملنا أحمالا من حلىّ القبط التي استعرناها منهم. أو أرادوا بالأوزار : أنها آثام وتبعات، لأنهم كانوا معهم في حكم المستأمنين في دار الحرب. وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي، على أن الغنائم لم تكن تحل حينئذ فَقَذَفْناها في نار السامري، التي أوقدها في الحفرة وأمرنا أن نطرح فيها الحلىّ. وقرئ حملنا فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ أراهم أنه يلقى حليا في يده مثل ما ألقوا. وإنما ألقى التربة التي أخذها من موطئ حيزوم فرس جبريل. أوحى إليه وليه الشيطان أنها إذا خالطت مواتا صار حيوانا فَأَخْرَجَ لَهُمْ السامري من الحفرة عجلا خلقه اللّه من الحلىّ التي سبكتها النار يخور كما تخور العجاجيل.
فإن قلت : كيف أثرت تلك التربة في إحياء الموات؟ قلت : أما يصحّ أن يؤثر اللّه سبحانه روح القدس بهذه الكرامة الخاصة كما آثره بغيرها من الكرامات، وهي أن يباشر فرسه بحافره تربة إذا لاقت تلك التربة جمادا أنشأه اللّه إن شاء عند مباشرته حيوانا. ألا ترى كيف أنشأ المسيح
(١). أخرجه أحمد من طريق عبد اللّه بن عبيد بن عمير عن عائشة «سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن موت الفجأة - فذكره وله طريق أخرى عند عبد الرازق مرفوعة. وفيها يحيى بن العلاء الرازي وهو ضعيف. ورواه هو وابن أبى شيبة والطبراني من حديثهما موقوفا. وعن ابن مسعود أيضا موقوفا، وفي الباب عن أنس في الجنائز لابن شاهين وعن عبيد بن خالد عند أبى داود بلفظ «موت الفجأة أخذة أسف». [.....]