ليكونوا بحيث يراد منهم ترك المعاصي أو فعل الخير والطاعة. والذكر - كما ذكرنا - يطلق على الطاعة والعبادة. وقرئ : نحدث وتحدث، بالنون والتاء، أى : تحدث أنت. وسكن بعضهم الثاء للتخفيف، كما في :
فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من اللّه ولا واغل «١»
[سورة طه (٢٠) : آية ١١٤]
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ استعظام له ولما يصرف عليه عباده من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده والإدارة بين ثوابه وعقابه على حسب أعمالهم، وغير ذلك مما يجرى عليه أمر ملكوته ولما ذكر القرآن وإنزاله قال على سبيل الاستطراد : وإذا لقنك جبريل ما يوحى إليك من القرآن، فتأنّ عليك ريثما يسمعك ويفهمك، ثم أقبل عليه بالتحفظ بعد ذلك، ولا تكن قراءتك مساوقة لقراءته. ونحوه قوله تعالى لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
وقيل معناه : لا تبلغ ما كان منه مجملا حتى يأتيك البيان. وقرئ : حتى تقضى إليك وحيه. وقوله تعالى رَبِّ زِدْنِي عِلْماً متضمن للتواضع للّه تعالى والشكر له عند ما علم من ترتيب التعلم، أى علمتني يا رب لطيفة في باب التعلم وأدبا جميلا ما كان عندي، فزدني علما إلى علم، فإنّ لك في كل شيء حكمة وعلما.
وقيل : ما أمر اللّه رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم.
[سورة طه (٢٠) : آية ١١٥]
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥)
يقال في أوامر الملوك ووصاياهم : تقدّم الملك إلى فلان وأوعز إليه، وعزم عليه، وعهد

__
(١) حلت لي الخمر وكنت امرأ عن شربها في شغل شاغل
فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من اللّه ولا واغل
لامرئ القيس، كان حلف لا يشرب الخمر حتى يقتل بنى أسد الذين قتلوا أباه حجرا، فلما قتل جماعة منهم قال :
حلت لي الخمر بعد أن كانت حراما على وكنت في شغل شاغل لي عن شربها، فاليوم حين أخذت الثأر أشرب، وكان حقه الرفع لعدم الجازم، فسكن تخفيفا للوزن. والمستحقب للشيء : الحامل له على ظهره. ومنه الحقيبة، فشبه الإثم بالشيء المحمول لمشقته على النفس، والاستحقاب تخييل، والواغل : الداخل على الشاربين من غير أن يدعوه، أى : فاليوم أشرب ما شئت حال كوني غير متحمل ذنبا من اللّه. حيث بررت في قسمي، ولا متطفل على الشاربين.


الصفحة التالية
Icon