من هذه الأمم التي هي قوم نوح والأحزاب بِرَسُولِهِمْ وقرئ برسولها لِيَأْخُذُوهُ ليتمكنوا منه، ومن الإيقاع به وإصابته بما أرادوا من تعذيب أو قتل. ويقال للأسير : أخيذ فَأَخَذْتُهُمْ يعنى أنهم قصدوا أخذه، فجعلت جزاءهم على إرادة أخذه أن أخذتهم فَكَيْفَ كانَ عِقابِ فإنكم تمرون على بلادهم ومساكنهم فتعاينون أثر ذلك. وهذا تقرير فيه معنى التعجيب
[سورة غافر (٤٠) : آية ٦]
وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦)
أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ في محل الرفع بدل من كَلِمَةُ رَبِّكَ أى مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار. ومعناه : كما وجب إهلاكهم في الدنيا بالعذاب المستأصل، كذلك وجب إهلاكهم بعذاب النار في الآخرة، أو في محل النصب بحذف لام التعليل وإيصال الفعل. والذين كفروا : قريش، ومعناه. كما وجب إهلاك أولئك الأمم، كذلك وجب إهلاك هؤلاء، لأن علة واحدة تجمعهم أنهم من أصحاب النار. قرئ : كلمات.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٧ إلى ٩]
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)
روى أن حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم «لا تتفكروا في عظم ربكم ولكن تفكروا فيما خلق اللّه من الملائكة» «١» فإن خلقا من الملائكة يقال له إسرافيل : زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه في الأرض السفلى، وقد مرق رأسه من سبع سماوات، وإنه ليتضاءل من عظمة اللّه حتى يصير كأنه الوصع «٢». وفي الحديث : إن اللّه تعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا
(١). أخرجه الثعلبي. وروى شهر بن حوشب : أن ابن عباس رفعه بهذا تعليقا، وهو في كتاب العظمة لأبى الفتح.
(٢). قوله «كأنه الوصع» طائر أصغر من العصفور. (ع)