[سورة غافر (٤٠) : آية ٤٧]

وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧)
واذكر وقت يتحاجون تَبَعاً تباعا، كخدم في جمع خادم. أو ذوى تبع، أى : أتباع، أو وصفا بالمصدر.
[سورة غافر (٤٠) : آية ٤٨]
قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨)
وقرئ. كلا، على التأكيد لاسم إن، وهو معرفة، والتنوين عوض من المضاف إليه، يريد : إنا كلنا. أو كلنا فيها. فإن قلت : هل يجوز أن يكون «كلا» حالا قد عمل فِيها فيها؟
قلت : لا لأن الظرف لا يعمل في الحال متقدمه كما يعمل في الظرف متقدما تقول كل يوم لك ثوب ولا تقول قائما في الدار زيد قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ قضى بينهم وفصل بأن أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٤٩ إلى ٥٠]
وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠)
لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ للقوّام بتعذيب أهلها. فإن قلت : هلا قيل : الذين في النار لخزنتها؟ قلت :
لأن في ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا ويحتمل أن جهنم هي أبعد النار قعرا، من قولهم : بئر جهنام بعيدة القعر «١»، وقولهم في النابغة : جهنام، تسمية بها، لزعمهم أنه يلقى الشعر على لسان المنتسب إليه، فهو بعيد الغور في علمه بالشعر «٢»، كما قال أبو نواس في خلف الأحمر :
قليذم من العياليم الخسف «٣»
__
(١). قوله «بئر جهنام بعيدة القعر... الخ» في الصحاح : بكسر الجيم والهاء. (ع)
(٢). قال محمود :«فان قلت : فهلا قيل لخزنتها، وأجاب أن في ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا، ويحتمل أن جهنم هي أبعد النار قعرا من قولهم : بئر جهنام، أى : بعيدة القعر، وكان النابغة يسمى الجهنام لبعد غوره في الشعر» قال أحمد : الأول أظهر، والتفخيم فيه من وجهين، أحدهما : وضع الظاهر موضع المضمر، وهو الذي أشار إليه والثاني : ذكره وهو شيء واحد بظاهر غير الأول أفظع منه، لأن جهنم أفظع من النار، إذ النار مطلقة، وجهنم أشدها.
(٣) أو دى جميع العلم مذ أودى خلف من لا يعد العلم إلا ما عرف
راوية لا يجتنى من الصحف قليذم من العياليم الخسف
لأبى نواس يرثى خلف الأحمر بن أحمد. وأودى ملك ومن لا يعد العلم صفة خلف، أى : لا يعتبر من العلم إلا بما عرفه حق اليقين وتلقاه بالتلقين. أو عرفه بالاستنباط من قواعد السابقين، فهو راوية، أى : كثير الرواية لا يأخذ من الكتب، شبهها بالروضة المثمرة على طريق المكنية، والاجتناء تخييل. وقليذم : البئر الغزيرة الماء.
والعيلم : الحفرة الكثيرة الماء. والخف : البعيدة الغور العميقة، شبهه بذلك تشبيها بليغا، لكثرة علمه ومعرفته للمعاني البعيدة الخفية.


الصفحة التالية
Icon