وعنه : أنه تلاها ثم قال : ما تقولون فيها؟ قالوا : لم يذنبوا. قال حملتم الأمر على أشدّه. قالوا :
فما تقول؟ قال : لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان. وعن عمر رضى اللّه عنه : استقاموا على الطريقة لم يروغوا روغان الثعالب. وعن عثمان رضى اللّه عنه : أخلصوا العمل. وعن على رضى اللّه عنه :
أدّوا الفرائض. وقال سفيان بن عبد اللّه الثقفي رضى اللّه عنه : قلت يا رسول اللّه، أخبرنى بأمر أعتصم به. قال :«قل ربىّ اللّه، ثم استقم» قال فقلت : ما أخوف ما تخاف علىّ؟ فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بلسان نفسه فقال «هذا» «١» تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ عند الموت بالبشرى.
وقيل البشرى في ثلاثة مواطن : عند الموت، وفي القبر، وإذا قاموا من قبورهم أَلَّا تَخافُوا أن بمعنى أى. أو مخففة من الثقيلة. وأصله : بأنه لا تخافوا، والهاء ضمير الشأن. وفي قراءة ابن مسعود رضى اللّه عنه : لا تخافوا، أى : يقولون لا تخافوا، والخوف : غم يلحق لتوقع المكروه، والحزن : غم يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضارّ. والمعنى : أنّ اللّه كتب لكم الأمن من كل غم، فلن تذوقوه أبدا. وقيل لا تخافوا ما تقدمون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم. كما أنّ الشياطين قرناء العصاة وإخوانهم، فكذلك الملائكة أولياء المتقين وأحباؤهم في الدارين تَدَّعُونَ
تتمنون : والنزل : رزق النزيل وهو الضيف، وانتصابه على الحال.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٣٣]
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)
مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ عن ابن عباس رضى اللّه عنهما : هو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا إلى الإسلام وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين ربه، وجعل الإسلام نحلة له. وعنه : أنهم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وعن عائشة رضى اللّه عنها : ما كنا نشك أنّ هذه الآية نزلت في المؤذنين، وهي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث : أن يكون موحدا معتقدا لدين الإسلام، عاملا بالخير داعيا إليه، وما هم إلا طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد، الدعاة إلى دين اللّه «٢» وقوله وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ليس الغرض أنه تكلم بهذا الكلام، ولكن جعل دين الإسلام مذهبه ومعتقده، كما تقول : هذا قول أبى حنيفة، تريد مذهبه.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٣٤ إلى ٣٥]
وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)
(١). أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وابن حبان بتمامه، وأصله في مسلم.
(٢). قوله «العاملين من أهل العدل والتوحيد الدعاة» إن أراد بهم المعتزلة سموا أنفسهم بذلك، فلا وجه التخصيص. (ع) [.....]