قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب «١» بين عينيه : آيس من رحمة اللّه، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة» وقيل :
لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبينهم قربى، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه نزلت. والمعنى : إلا أن تودوني في القربى، أى : في حق القربى ومن أجلها، كما تقول : الحب في اللّه والبغض في اللّه، بمعنى : في حقه ومن أجله، يعنى : أنكم قومي وأحق من أجابنى وأطاعنى، فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى ولا تؤذوني ولا تهيجوا علىّ. وقيل :
أتت الأنصار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمال جمعوه وقالوا : يا رسول اللّه، قد هدانا اللّه بك وأنت ابن أختنا وتعروك نوائب وحقوق ومالك سعة، فاستعن بهذا على ما ينوبك «٢»، فنزلت وردّه. وقيل الْقُرْبى : التقرب إلى اللّه تعالى، أى : إلا أن تحبوا اللّه ورسوله في تقرّبكم إليه بالطاعة والعمل الصالح. وقرئ : إلا مودّة في القربى مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً عن السدّى أنها المودّة في آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : نزلت في أبى بكر الصديق رضى اللّه عنه ومودّته فيهم. والظاهر : العموم في أى حسنة كانت، إلا أنها لما ذكرت عقيب ذكر المودّة في القربى :
دل ذلك على أنها تناولت المودّة تناولا أوّليا، كأنّ سائر الحسنات لها توابع. وقرئ : يزد، أى : يزد اللّه. وزيادة حسنها من جهة اللّه مضاعفتها، كقوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وقرئ : حسنى، وهي مصدر كالبشرى، الشكور في صفة اللّه : مجاز للاعتداد بالطاعة، وتوفية ثوابها، والتفضل على المثاب.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٤]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤)
أَمْ منقطعة. ومعنى الهمزة فيه التوبيخ «٣»، كأنه قيل : أيتما لكون أن ينسبوا مثله إلى الافتراء، ثم إلى الافتراء على اللّه الذي هو أعظم الفرى وأفحشها فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ فإن يشأ اللّه يجعلك من المختوم على قلوبهم، حتى تفترى عليه الكذب فإنه لا يجترئ على افتراء الكذب على اللّه إلا من كان في مثل حالهم، وهذا الأسلوب مؤدّاه استبعاد الافتراء من مثله،
(١). قوله «مكتوب بين عينيه» لعله : مكتوبا. (ع)
(٢). ذكره الثعلبي والواحدي في الأسباب عن ابن عباس بغير سند. ويشبه أن يكون عن الكلبي عن أبى صالح عنه. وروى الطبراني من طريق عثمان بن القطان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأخرجه ابن مردويه عنه.
(٣). قوله «و معنى الهمزة فيه التوبيخ» لعله : فيها. (ع)