من الحور العين «١» لا من شهلهن مثلا. وفي قراءة عبد اللّه : بعيس عين : والعيساء : البيضاء تعلوها حمرة وقرأ عبيد بن عمير : لا يذاقون فيها الموت. وقرأ عبد اللّه : لا يذوقون فيها طعم الموت. فإن قلت : كيف استثنيت الموتة الأولى - المذوقة قبل دخول الجنة - من الموت المنفي ذوقه فيها؟ قلت : أريد أن يقال : لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع قوله إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل : إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها «٢». وقرئ ووقاهم بالتشديد فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ عطاء من ربك وثوابا، يعنى : كل ما أعطى المتقين من نعيم الجنة والنجاة من النار. وقرئ : فضل، أى. ذلك فضل.
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٥٨ إلى ٥٩]
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ فذلكة للسورة. ومعناها : ذكرهم بالكتاب المبين فَإِنَّما يَسَّرْناهُ أى : سهلناه، حيث أنزلناه عربيا بلسانك بلغتك إرادة أن يفهمه قومك فيتذكروا فَارْتَقِبْ فانتظر ما يحل بهم إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ما يحل بك متربصون الدوائر.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«من قرأ سورة حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك» «٣» وعنه عليه السلام :» من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له» «٤».
(١). قوله «من الحور العين» لعله : من حور العين. (ع)
(٢). قال محمود :«إنما استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقه فيها... الخ» قال أحمد : هذا الذي ذكره مبنى على أن الموتة بدل، على طريقة بنى تميم المجوز فيها البدل من غير الجنس. وأما على طريقة الحجازيين، فانتصبت الموتة استثناء منقطعا. وسر اللغة التميمية : بناء النفي المراد على وجه لا يبقى للسامع مطمعا في الإثبات، فيقولون : ما فيها أحد إلا حمار، على معنى : إن كان الحمار من الأحدين ففيها أحد، فيعلقون الثبوت على أمر محال حتما بالنفي. وعليه حمل الزمخشري قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ أى إن كان اللّه ممن في السماوات والأرض، ففي السماوات والأرض من يعلم الغيب، فإذا نفر السامع من ثبوت الأول تعدت النفرة إلى ثبوت الثاني، فجزمت بالنفي، واللّه أعلم.
(٣). أخرجه الترمذي أيضا وابن عدى والشعبي والبيهقي في الشعب من رواية عمر بن خثعم عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة، وقال : غريب، وعمر بضعف. قال محمد : إنه منكر الحديث. قلت : وهو بمعنى الذي قبله.
(٤). أخرجه الترمذي وأبو يعلى وابن السنى في اليوم والليلة» والبيهقي في الشعب وقال تفرد به أبو المقدام.
وهو ضعيف. وعن الحسن عن أبى هريرة وقال الترمذي : أبو المقدام ضعيف والحسن لم يسمع من أبى هريرة.