[سورة الجاثية (٤٥) : آية ٢١]
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٢١)أَمْ
منقطعة. ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان. والاجتراح : الاكتساب. ومنه الجوارح وفلان جارحة أهله، أى : كاسبهم أَنْ نَجْعَلَهُمْ
أن نصيرهم. وهو من جعل المتعدي إلى مفعولين فأوّلهما الضمير، والثاني : الكاف، والجملة التي هي سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ
بدل من الكاف، لأنّ الجملة تقع مفعولا ثانيا، فكانت في حكم المفرد. ألا تراك لو قلت : أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم : كان سديدا، كما تقول : ظننت زبدا أبوه منطلق. ومن قرأ سَواءً
بالنصب : أجرى سواء مجرى مستويا، وارتفع محياهم ومماتهم على الفاعلية، وكان مفردا غير جملة. ومن قرأ :
ومماتهم بالنصب، جعل محياهم ومماتهم : ظرفين، كمقدم الحاج وخفوق النجم. أى : سواء في محياهم وفي مماتهم. والمعنى : إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيا، وأن يستووا مماتا، لافتراق أحوالهم أحياء. حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات، وأولئك على ركوب المعاصي. ومماتا، حيث مات هؤلاء على البشرى بالرحمة والوصول إلى ثواب اللّه ورضوانه، وأولئك على اليأس من رحمة اللّه والوصول إلى هول ما أعدّ لهم. وقيل : معناه إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة، لأنّ المسيئين والمحسنين مستو محياهم في الرزق والصحة، وإنما يفترقون في الممات، وقيل : سواء محياهم ومماتهم : كلام مستأنف على معنى : أن محيا المسيئين ومماتهم سواء، وكذلك محيا المحسنين ومماتهم : كل يموت على حسب ما عاش عليه. وعن تميم الداري رضى اللّه عنه أنه كان يصلى ذات ليلة عند المقام، فبلغ هذه الآية، فجعل يبكى ويردّد إلى الصباح : ساء ما يحكمون.
وعن الفضيل : أنه بلغها فجعل يردّدها ويبكى ويقول : يا فضيل، ليت شعري من أى الفريقين أنت.
[سورة الجاثية (٤٥) : آية ٢٢]
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٢)
وَلِتُجْزى معطوف على بالحق، لأنّ فيه معنى التعليل. أو على معلل محذوف تقديره :
خلق اللّه السماوات والأرض، ليدل به على قدرته ولتجزى كل نفس.