وقد جعلت إن صلة، مثلها فيما أنشده الأخفش :
يرجّى المرء ما إن لا يراه وتعرض دون أدناه الخطوب «١»
وتؤوّل بإنا مكناهم في مثل ما مكناكم فيه : والوجه هو الأوّل، ولقد جاء عليه غير آية في القرآن هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً، كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً وهو أبلغ في التوبيخ، وأدخل في الحث على الاعتبار مِنْ شَيْءٍ أى من شيء من الإغناء، وهو القليل منه. فإن قلت بم انتصب إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ؟ قلت : بقوله تعالى فَما أَغْنى. فإن قلت : لم جرى مجرى التعليل؟ قلت : لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك : ضربته لإساءته وضربته إذا أساء، لأنك إذا ضربته في وقت إساءته، فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه، إلا أن «إذ، وحيث، غلبتا دون سائر الظروف في ذلك.
(١) فان أمسك فان العيش حلو إلى كأنه عسل مشوب
يرجي المرء ما إن لا يراه وتعرض دون أدناه الخطوب
وما يدرى الحريص علام يلقى شراشره أيخطئ أم يصيب
لجابر بن رالان الطائي. وقيل : لا ياس بن الأرت. والشراشر : جمع شرشر، وهي أطراف الشيء المشرشرة، أى : المفرقة المنشورة، وتطلق على الجسد وعلى الثقل ويكنى بها عن النفس كما هنا. وقيل : هي حبال الصيد.
يقول : إن أبخل فالعيش حلو عنده كحلاوة العسل الممزوج بالماء لتزول حرارته وضمن «حلو» معنى محبوب، فعداء بإلى. ثم قال : ولكن لا خير في الإمساك، فان المرء يرتجى الأمر الغائب عنه. وتحول أهوال الموت أو شدائد الدهر بينه وبين أدنى شيء منه. وإن : زائدة بعد ما الموصولة حملا على ما النافية، وما يدرى الذي وجه نفسه بكليتها للدنيا عواقب أمره، أريح أم خسر، وعلى أنها حبال الصيد ففي الكلام استعارة تمثيلية حيث شبه حال من أخذ في أسباب الأمر جاهلا عاقبته : بحال من نصب الحبال للصيد، فقد وقد.