[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٣٣]
أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)بِقادِرٍ محله الرفع، لأنه خبر أن، يدل عليه قراءة عبد اللّه : قادر، وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أوّل الآية على أن وما في حيزها. وقال الزجاج : لو قلت : ما ظننت أنّ زيدا بقائم : جاز، كأنه قيل : أليس اللّه بقادر. ألا ترى إلى وقوع بلى مقرّرة للقدرة على كل شيء من البعث وغيره، لا لرؤيتهم. وقرئ : يقدر. ويقال : عييت بالأمر، إذا لم تعرف وجهه.
ومنه أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٣٤]
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤)
أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ محكي بعد قول مضمر، وهذا المضمر هو ناصب الظرف. وهذا إشارة إلى العذاب، بدليل قوله تعالى فَذُوقُوا الْعَذابَ والمعنى : التهكم بهم، والتوبيخ لهم على استهزائهم بوعد اللّه ووعيده، وقولهم وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٣٥]
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٣٥)
أُولُوا الْعَزْمِ أولوا الجد والثبات والصبر. ومِنَ يجوز أن تكون للتبعيض، ويراد بأولى العزم : بعض الأنبياء. قيل : هم نوح، صبر على أذى قومه : كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح ولده، وإسحاق على الذبح، ويعقوب على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضرّ، وموسى قال له قومه : إنا لمدركون، قال : كلا إنّ معى ربى سيهدين، وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال : إنها معبرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال اللّه تعالى في آدم وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وفي يونس وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ ويجوز أن تكون للبيان، فيكون أولو العزم صفة الرسل كلهم وَلا تَسْتَعْجِلْ لكفار قريش بالعذاب، أى : لا تدع لهم بتعجيله، فإنه نازل بهم لا محالة، وإن تأخر، وأنهم مستقصرون حينئذ مدّة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ