يريد : فالعثور والانحطاط أقرب لها من الانتعاش والثبوت. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما : يريد في الدنيا القتل، وفي الآخرة التردي في النار كَرِهُوا القرآن وما أنزل اللّه فيه من التكاليف والأحكام، لأنهم قد ألفوا الإهمال وإطلاق العنان في الشهوات والملاذ فشق عليهم ذلك وتعاظمهم.
[سورة محمد (٤٧) : آية ١٠]
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠)
دمره : أهلكه، ودمر عليه : أهلك عليه ما يختص به. والمعنى : دمر اللّه عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم وكل ما كان لهم وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها الضمير للعاقبة المذكورة أو للهلكة، لأن التدمير يدل عليها. أو للسنة، لقوله عزّ وعلا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا.
[سورة محمد (٤٧) : آية ١١]
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١)
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وليهم وناصرهم. وفي قراءة ابن مسعود : ولى الذين آمنوا. ويروى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان في الشعب يوم أحد وقد فشت فيهم الجراحات، وفيه نزلت، فنادى المشركون : اعل هبل : فنادى المسلمون : اللّه أعلى وأجل، فنادى المشركون :
يوم بيوم والحرب سجال، إن لنا عزى ولا عزى لكم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
«قولوا اللّه مولانا ولا مولى لكم، إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء يرزقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون «١». فإن قلت : قوله تعالى وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ مناقض لهذه الآية. قلت :
لا تناقض بينهما، لأن اللّه مولى عباده جميعا على معنى أنه ربهم ومالك أمرهم وأما على معنى الناصر فهو مول المؤمنين خاصة.

__
(١). أخرجه الطبري من رواية سعيد عن قتادة قال «ذكر لنا أن هذه الآية. يعنى بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا نزلت يوم أحد، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الشعب وقد فشت فيهم الجراحات. الخ» سواء. وله شاهد في البخاري من حديث البراء بن عازب.


الصفحة التالية
Icon