هو قوله تعالى لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً. تَحْسُدُونَنا أن نصيب معكم من الغنائم. قرئ بضم السين وكسرها لا يَفْقَهُونَ لا يفهمون إلا فهما قَلِيلًا وهو فطنتهم لأمور الدنيا دون أمور الدين، كقوله تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا فإن قلت : ما الفرق بين حرفى الإضراب؟ قلت. الأوّل إضراب معناه : ردّ أن يكون حكم اللّه أن لا يتبعوهم وإثبات الحسد. والثاني إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين، إلى وصفهم مما هو أطم منه، وهو الجهل وقلة الفقه.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٦]
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦)
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ هم الذين تخلفوا عن الحديبية إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ يعنى بنى حنيفة قوم مسيلمة، وأهل الردّة الذين حاربهم أبو بكر الصديق رضى اللّه عنه لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف عند أبى حنيفة ومن عداهم من مشركي العجم وأهل الكتاب. والمجوس تقبل منهم الجزية، وعند الشافعي لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس دون مشركي العجم والعرب. وهذا دليل على إمامة أبى بكر الصديق رضى اللّه عنه، فإنهم لم يدعوا إلى حرب في أيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولكن بعد وفاته. وكيف يدعوهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع قوله تعالى فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا وقيل : هم فارس والروم. ومعنى يُسْلِمُونَ ينقادون، لأنّ الروم نصارى، وفارس مجوس يقبل منهم إعطاء الجزية. فإن قلت : عن قتادة أنهم ثقيف وهوازن، وكان ذلك في أيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قلت : إن صح ذلك فالمعنى :
لن تخرجوا معى أبدا ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب والاضطراب في الدين. أو على قول مجاهد : كان الموعد أنهم لا يتبعون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا متطوعين لا نصيب لهم في المغنم كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يريد في غزوة الحديبية. أو يسلمون. معطوف على تقاتلونهم، أى : يكون أحد الأمرين : إما المقاتلة، أو الإسلام، لا ثالث لهما. وفي قراءة أبىّ : أو يسلموا، بمعنى : إلى أن يسلموا.


الصفحة التالية
Icon