على رأسه وبيدي غصن من الشجرة أذب عنه، فرفعت الغصن عن ظهره فبايعوه على الموت دونه، وعلى أن لا يفروا، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«أنتم اليوم خير أهل الأرض» «١» وكان عدد المبايعين ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين «٢» وقيل : ألفا وأربعمائة :
وقيل : ألفا وثلاثمائة فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ من الإخلاص وصدق الضمائر فيما بايعوا عليه فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ أى : الطمأنينة والأمن بسبب الصلح على قلوبهم وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً وقرئ :
وآتاهم، وهو فتح خيبر غب انصرافهم من مكة. وعن الحسن : فتح هجر، وهو أجلّ فتح :
اتسعوا بثمرها زمانا مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها هي مغانم خيبر، وكانت أرضا ذات عقار «٣» وأموال، فقسمها رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم عليهم، ثم أتاه عثمان بالصلح فصالحهم وانصرف بعد أن نحر بالحديبية وحلق.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٠]
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠)
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً وهي ما يفيء على المؤمنين إلى يوم القيامة فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ المغانم يعنى مغانم خيبر وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ يعنى أيدى أهل خيبر وحلفاؤهم من أسد وغطفان حين جاءوا لنصرتهم، فقذف اللّه في قلوبهم الرعب فنكصوا. وقيل : أيدى أهل مكة بالصلح وَلِتَكُونَ هذه الكفة آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وعبرة يعرفون بها أنهم من اللّه تعالى بمكان،

__
(١). قوله «و قيل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالسا في ظل الشجرة وعلى ظهره غصن من أغصانها. قال عبد اللّه بن مغفل : كنت قائما على رأسه وبيدي غصن من الشجرة أذب عنه، فرفعت الغصن عن ظهره وبايعوه على الموت دونه، وعلى أن لا يفروا، فقال لهم : أنتم اليوم خير أهل الأرض «أخرجه النسائي من رواية ثابت عن عبد اللّه بن مغفل. قال «كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة وعلى رأسه غصن إلى قوله عن ظهره». وفي حديث معقل بن يسار «لقد رأيتنى يوم الشجرة والنبي صلى اللّه عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها - الحديث». وأما قوله «بايعوه... الخ» فهو في حديث جابر.
(٢). أما الأولى فمتفق عليها من حديث سالم بن أبى الجعد عن جابر. دون قوله «و خمسا وعشرين» وأما الثانية ففي رواية عمرو بن مرة عن جابر في الصحيحين. وفي رواية أبى الزبير عنه ومسلم وعندهما عن قتادة. قلت : لسعيد ابن المسيب «لم كان عدد الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال : خمس عشرة مائة قال : قلت : فان جابرا قال : كانوا أربع عشرة مائه قال : رحمه اللّه لقد وهم، هو واللّه حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة» قال البيهقي في الدلائل :
كأن جابرا رجع عن رواية خمس عشرة. إلى ألف وأربعمائة. وكذلك قال البراء ومعقل بن يسار. وسلمة بن الأكوع. انتهى. والرواية الثالثة في الصحيحين من رواية عمرو بن مرة عن عبد اللّه بن أبى أوفى. قال «كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة وكان من أسلم من المهاجرين. قلت والرواية التي فيها ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين.
أخرجها ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عباس موقوفا. وفي عددهم أقوال غير هذه بسطنها في شرح البخاري
(٣). قوله «ذات عقار»
في الصحاح «العقار» بالفتح : الأرض والضياع والنخل. (ع)


الصفحة التالية
Icon