«اصرخ بالناس «١»» وكان العباس أجهر الناس صوتا «٢». يروى : أنّ غارة أتتهم يوما فصاح العباس يا صباحاه، فأسقطت الحوامل لشدّة صوته «٣». وفيه يقول نابغة بنى جعدة :
زجر أبى عروة السّباع إذا أشفق أن يختلطن بالغنم «٤»
زعمت الرواة أنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه «٥». وفي قراءة ابن مسعود : لا ترفعوا بأصواتكم والباء مزيدة محذوّ بها حذو التشديد في قول الأعلم الهذلي :
رفعت عينى بالحجا ز إلى أناس بالمناقب «٦»
وليس المعنى في هذه القراءة أنهم نهوا عن الرفع الشديد، تخيلا أن يكون ما دون الشديد مسوغا لهم، ولكن المعنى نهيهم عما كانوا عليه من الجلبة، واستجفاؤهم فيما كانوا يفعلون. وعن ابن عباس : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وكان في أذنه وقر، وكان جهوري الصوت، فكان إذا تكلم رفع صوته، وربما كان يكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيتأذى بصوته «٧». وعن أنس أن هذه الآية لما نزلت : فقد ثابت، فتفقده رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبر بشأنه، فدعاه، فسأله فقال : يا رسول اللّه، لقد أنزلت إليك هذه الآية، وإنى رجل جهير الصوت. فأخاف أن يكون عملى قد حبط، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
لست هناك، إنك تعيش بخير وتموت بخير، وإنك من أهل الجنة «٨».. وأمّا ما يروى عن الحسن : أنها نزلت فيمن كان يرفع صوته من المنافقين فوق صوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فمحمله والخطاب للمؤمنين : على أن ينهى المؤمنون ليندرج المنافقون تحت النهى، ليكون الأمر أغلظ عليهم وأشق. وقيل : كان المنافقون يرفعون أصواتهم ليظهروا قلة مبالاتهم، فيقتدى بهم ضعفة المسلمين. وكاف التشبيه في محل النصب،

__
(١). لم أجده، وقد تقدم أن ذلك كان يوم حنين، والعباس لم يشهد أحدا.
(٢). لم أجده
(٣). لم أجده
(٤). تقدم شرح هذا الشاهد بهذا الجزء صفحة ٣٨ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٥). لم أجده
(٦). للأعلم الهذلي، يقول : نظرت وأنا في الحجاز إلى من في المناقب. وهذان الموضعان بينهما مسافة بعيدة، وهذا من شدة الشوق إلى من في المناقب.
(٧). لم أجده
(٨). متفق عليه من حديث أنس دون قوله «لست هناك، وزاد أحمد والطبراني فيه : فقال أنس : فكنا نراه يمشى بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة».


الصفحة التالية
Icon