ما صنع عثمان رضى اللّه عنه في جيش العسرة، وأن يتناول الزكوات وكل ما يتعلق بالمال من أعمال البر التي يتحامل فيها الرجل على ماله لوجه اللّه تعالى أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذين صدقوا في قولهم آمنا، ولم يكذبوا كما كذب أعراب بنى أسد. أو هم الذين إيمانهم إيمان صدق وإيمان حق وجدّ وثبات.
[سورة الحجرات (٤٩) : آية ١٦]
قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦)
يقال : ما علمت بقدومك، أى : ما شعرت به ولا أحطت به. ومنه قوله تعالى أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وفيه تجهيل لهم.
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ١٧ إلى ١٨]
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)
يقال : منّ عليه بيد أسداها إليه، كقولك : أنعم عليه وأفضل عليه. والمنة : النعمة التي لا يستثيب مسديها من يزلها إليه «١»، واشتقاقها من المنّ الذي هو القطع، لأنه إنما يسديها إليه ليقطع بها حاجته لا غير، من غير أن يعمد لطلب مثوبة. ثم يقال : منّ عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعاما. وسياق هذه الآية فيه لطف ورشاقة، وذلك أنّ الكائن من الأعاريب قد سماه اللّه إسلاما، ونفى أن يكون كما زعموا إيمانا، فلما منوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان منهم قال اللّه سبحانه وتعالى لرسوله عليه السلام : إنّ هؤلاء يعتدّون عليك بما ليس جديرا بالاعتداد به من حدثهم الذي حق تسميته أن يقال له إسلام، فقل لهم : لا تعتدوّا علىّ إسلامكم، أى حدثكم المسمى إسلاما عندي لا إيمانا. ثم قال : بل اللّه يعتدّ عليكم أن أمدّكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم وادعيتم أنكم أرشدتم إليه ووفقتم له إن صحّ زعمكم وصدقت دعواكم، إلا أنكم تزعمون وتدعون ما اللّه عليم بخلافه. وفي إضافة الإسلام إليهم وإيراد الايمان غير مضاف : ما لا يخفى على المتأمل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، تقديره : إن كنتم صادقين في ادعائكم الإيمان، فللّه المنة عليكم. وقرئ : إن هداكم، بكسر الهمزة.
(١). قوله «من يزلها إليه» في الصحاح : أزللت إليه نعمته، أى : استديتها إليه. وفي الحديث «من أزلت إليه نعمة فليشكرها» وأزللت شيئا من حقه، أى : أعطيت اه. (ع)