يقرأ بالفتح ويقول : إنّ اللّه لا يعجب من شيء، وإنما يعجب من لا يعلم، فقال إبراهيم النخعي :
إنّ شريحا كان يعجبه علمه وعبد اللّه أعلم، يريد عبد اللّه بن مسعود، وكان يقرأ بالضم. وقيل معناه : قل يا محمد بل عجبت. وَإِذا ذُكِّرُوا ودأبهم أنهم إذا وعظوا بشيء لا يتعظون به وَإِذا رَأَوْا آيَةً من آيات اللّه البينة كانشقاق القمر ونحوه يَسْتَسْخِرُونَ يبالغون في السخرية. أو يستدعى بعضهم من بعض أن يسخر منها.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٥ إلى ١٩]
وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)
وَآباؤُنَا معطوف على محل إِنْ واسمها. أو على الضمير في مبعوثون، والذي جوّز العطف عليه الفصل بهمزة الاستفهام. والمعنى : أيبعث أيضا آباؤنا على زيادة الاستبعاد، يعنون أنهم أقدم، فبعثهم أبعد وأبطل. وقرئ أو آباؤنا قُلْ نَعَمْ وقرئ : نعم بكسر العين وهما لغتان. وقرئ : قال نعم، أى اللّه تعالى أو الرسول صلى اللّه عليه وسلم. والمعنى : نعم تبعثون وَأَنْتُمْ داخِرُونَ صاغرون فَإِنَّما جواب شرط مقدّر تقديره : إذا كان ذلك فما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ وهي لا ترجع إلى شيء، إنما هي مبهمة موضحها خبرها. ويجوز :
فإنما البعثة زجرة واحدة وهي النفخة الثانية. والزجرة : الصيحة، من قولك : زجر الراعي الإبل أو الغنم : إذا صاح عليها فريعت لصوته. ومنه قوله :
زجر أبى عروة السباع إذا أشفق أن يختلطن بالغنم «١»
يريد تصوينه بها فَإِذا هُمْ أحياء بصراء يَنْظُرُونَ.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٠ إلى ٢١]
وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١)
يحتمل أن يكون هذا يَوْمُ الدِّينِ إلى قوله احْشُرُوا من كلام الكفرة بعضهم مع بعض

__
(١). للنابغة الجعدي. وأبو عروة : كنية العباس عم النبي صلى اللّه عليه وسلم، كانوا يزعمون أنه يصيح بالسباع فينفق مرارة الأسد في جوفه، وروى أن غارة أتتهم يوم حنين فصاح : يا صباحاه فأسقطت الحوامل، وكان يسمع صوته من مسافة ثمانية أميال. وزجره يزجره، إذا صاح بمنعه، أى : كزجر أبى عروة السباع عن الغنم إذا خاف اختلاطهن بها في البادية.


الصفحة التالية
Icon