والدرع محبوكة : لأنّ حلقها مطرق طرائق. ويقال : إنّ خلقة السماء كذلك. وعن الحسن :
حبكها نجومها. والمعنى : أنها تزينها كما تزين الموشى طرائق الوشي. وقيل : حبكها صفاقتها وإحكامها، من قولهم : فرس محبوك المعاقم، «١» أى محكمها. وإذا أجاد الحائك الحياكة قالوا :
ما أحسن حبكه، وهو جمع حباك، كمثال ومثل. أو حبيكة، كطريقة وطرق. وقرئ : الحبك، بوزن القفل. والحبك، بوزن السلك. والحبك، بوزن الجبل. والحبك بوزن البرق. والحبك بوزن النعم. والحبك بوزن الإبل إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قولهم في الرسول : ساحر وشاعر ومجنون، وفي القرآن : شعر وسحر وأساطير الأولين. وعن الضحاك : قول الكفرة لا يكون مستويا، إنما هو متناقض مختلف. وعن قتادة : منكم مصدّق ومكذب، ومقرّ ومنكر يُؤْفَكُ عَنْهُ الضمير للقرآن أو للرسول، أى : يصرف عنه، من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه «٢» وأعظم، كقوله : لا يهلك على اللّه إلا هالك. وقيل : يصرف عنه من صرف في سابق علم اللّه، أى : علم فيما لم يزل أنه مأفوك عن الحق لا يرعوى. ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون أو للدين : أقسم بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق، ثم أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه، فمنهم شاك، ومنهم جاحد. ثم قال : يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك. ووجه آخر : وهو أن يرجع الضمير إلى قول مختلف وعن مثله في قوله :
ينهون عن أكل وعن شرب «٣»
أى : يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب. وحقيقته : يصدر تناهيهم في السمن عنهما،

__
(١). قوله «فرس محبوك المعاقم» في الصحاح : المعاقم من الخيل : المفاصل، فالراسغ عند الحافر معقم، والركبة معقم، والعرقوب معقم. اه (ع)
(٢). قال محمود :«يصرف عنه من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه... الخ» قال أحمد : إنما أفاد هذا النظم المعنى الذي ذكر من قبل أنك إذا قلت : يصرف عنه من صرف، علم السامع أن قولك يصرف عنه يغنى عن قولك من صرف، لأنه بمجرده كالتكرار للأول، لولا ما يستشعر فيه من فائدة تأبى جعله تكرارا، وتلك الفائدة أنك لما خصصت هذا بأنه هو الذي صرف، أفهم أن غيره لم يصرف، فكأنك قلت : لا يثبت الصرف في الحقيقة إلا لهذا، وكل صرف دونه فكلا صرف بالنسبة إليه، واللّه تعالى أعلم.
(٣) ينهون عن أكل وعن شرب مثل المها يرتعن في خصب
يقال : نهي الجمل فهو ناه، إذا فرط في السمن. والمها : جمع مهاة وهي البقرة الوحشية. ويقال : أخصب المكان فهو مخصب، وأخصبه اللّه. وخصب خصبا، كتعب تعبا، وعلم علما : إذا كثر كلأه ونباته. يصف أضيافا بأنهم يصدر تناهيهم وسمنهم عن الأكل والشرب. وشبههم بالمها اللاتي يرتعن في الكلأ، فالخصب في الأصل : مصدر سمى به الكلأ.


الصفحة التالية
Icon