هو مجاز لأدائها إلى ذلك، كقوله تعالى أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وقرئ : بل هم قوم طاغون. تَقَوَّلَهُ اختلقه من تلقاء نفسه بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فلكفرهم وعنادهم يرمون بهذه المطاعن، مع علمهم ببطلان قولهم، وأنه ليس بمتقوّل لعجز العرب عنه، وما محمد إلا واحد من العرب. وقرئ بحديث مثله على الإضافة، والضمير لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ومعناه : أن مثل محمد في فصاحته ليس بمعوز في العرب، فإن قدر محمد على نظمه كان مثله قادرا عليه، فليأتوا بحديث ذلك المثل : أَمْ خُلِقُوا أم أحدثوا وقدروا التقدير الذي عليه فطرتهم مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ من غير مقدّر أَمْ هُمُ الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق بَلْ لا يُوقِنُونَ أى : إذا سئلوا من خلقكم وخلق السماوات والأرض؟ قالوا : اللّه، وهم شاكون فيما يقولون، لا يوقنون. وقيل : أخلقوا من أجل لا شيء من جزاء ولا حساب؟ وقيل :
أخلقوا من غير أب وأم؟ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ الرزق حتى يرزقوا النبوّة من شاءوا. أو :
أعندهم خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختياره حكمة ومصلحة؟ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ الأرباب الغالبون، حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم؟ وقرئ : المصيطرون بالصاد أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ منصوب إلى السماء يستمعون صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن من تقدم هلاكه على هلاكهم وظفرهم في العاقبة دونه كما يزعمون؟ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ بحجة واضحة تصدق استماع مستمعهم. المغرم : أن يلتزم الإنسان ما ليس عليه، أى : لزمهم مغرم ثقيل فدحهم «١» فزهدهم ذلك في اتباعك؟ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ أى اللوح المحفوظ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ما فيه حتى يقولوا لا نبعث. وإن بعثنا لم نعذب «٢» أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً وهو كيدهم في دار الندوة برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبالمؤمنين فَالَّذِينَ كَفَرُوا إشارة اليهم أو أريد بهم كل من كفر باللّه هُمُ الْمَكِيدُونَ هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم ويحيق بهم مكرهم. وذلك أنهم قتلوا يوم بدر. أو المغلوبون في الكيد، من كايدته فكدته.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤٤ إلى ٤٧]
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧)
(١). قوله «فدحهم فزهدهم» أى : أثقلهم وبهظهم. أفاده الصحاح. (ع)
(٢). قوله «و إن بعثنا لم نعذب» لعله : لا نعذب. (ع)