ترتيب الآية : فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين. وفَلَوْلا الثانية مكررة للتوكيد، والضمير في تَرْجِعُونَها للنفس وهي الروح، وفي أَقْرَبُ إِلَيْهِ للمحتضر غَيْرَ مَدِينِينَ غير مربوبين، من دان السلطان الرعية إذا ساسهم. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ «١» يا أهل الميت بقدرتنا وعلمنا، أو بملائكة الموت. والمعنى : إنكم في جحودكم أفعال اللّه تعالى وآياته في كل شيء إن أنزل عليكم كتابا معجزا قلتم : سحر وافتراء. وإن أرسل إليكم رسولا قلم : ساحر كذاب، وإن رزقكم مطرا يحييكم به قلتم : صدق نوء كذا، على مذهب يؤدى إلى الإهمال والتعطيل فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن بعد بلوغه الحلقوم إن لم يكن ثم قابض وكنتم صادقين في تعطيلكم وكفركم بالمحيى المميت المبدئ المعيد فَأَمَّا إِنْ كانَ المتوفى مِنَ الْمُقَرَّبِينَ من السابقين من الأزواج الثلاثة المذكورة في أوّل السورة فَرَوْحٌ فله استراحة. وروت عائشة رضى اللّه عنها عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : فروح، «٢» بالضم. وقرأ به الحسن وقال :
الروح الرحمة، لأنها كالحياة للمرحوم. وقيل : البقاء، أى : فهذان له معا، وهو الخلود مع الرزق «٣» والنعيم. والريحان : الرزق فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أى : فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أى : يسلمون عليك، كقوله تعالى إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً.
فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ كقوله تعالى هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ وقرئ بالتخفيف وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ قرئت بالرفع والجر عطفا على نزل وحميم إِنَّ هذا الذي أنزل في هذه السورة لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ أى الحق الثابت من اليقين.

__
(١). قوله «و نحن أقرب إليه منكم» لم يظهر وجه لتأخير هذا عما قبله إلا بالنظر للترتيب الذي ذكره فليحرر. (ع)
(٢). أخرجه الترمذي والنسائي وإسحاق والحاكم من رواية بديل بن ميسرة عن عبد اللّه بن شقيق عن عائشة، زاد إسحاق «برفع الراء».
(٣). قوله «و هو الخلود مع الرزق» لعله : وهما. (ع)


الصفحة التالية
Icon