لَرَؤُفٌ وقرئ لرؤوف «١».
[سورة الحديد (٥٧) : الآيات ١٠ إلى ١١]
وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)
وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا في أن لا تنفقوا وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يرث كل شيء فيهما لا يبقى منه باق لأحد من مال وغيره، يعنى : وأى غرض لكم في ترك الإنفاق في سبيل اللّه والجهاد مع رسوله واللّه مهلككم فوارث أموالكم، وهو من أبلغ البعث على الإنفاق في سبيل اللّه. ثم بين التفاوت بين المنفقين منهم فقال لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ قبل فتح مكة قبل عز الإسلام وقوّة أهله ودخول الناس في دين اللّه أفواجا وقلة الحاجة إلى القتال والنفقة فيه، ومن أنفق من بعد الفتح فحذف لوضوح الدلالة أُولئِكَ الذين أنفقوا قبل الفتح وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم النبي صلى اللّه عليه وسلم :
«لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» «٢» أَعْظَمُ دَرَجَةً. وقرئ :
قبل الفتح وَكُلًّا وكل واحد من الفريقين وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أى المثوبة الحسنى وهي الجنة مع تفاوت الدرجات. وقرئ بالرفع على : وكل وعده اللّه. وقيل : نزلت في أبى بكر رضى اللّه عنه، لأنه أول من أسلم وأول من أنفق في سبيل اللّه. القرض الحسن : الإنفاق في سبيله. شبه ذلك بالقرض على سبيل المجاز، لأنه إذا أعطى ماله لوجهه فكأنه أقرضه إياه فَيُضاعِفَهُ لَهُ أى يعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا «أضعافا» من فضله وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ يعنى : وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف كريم في نفسه. وقرئ : فيضعفه. وقرئا منصوبين على جواب «٣» الاستفهام «و الرفع عطف على يُقْرِضُ، أو على فَيُضاعِفَهُ.
(١). قوله وقرئ «لرؤوف» يفيد أن القراءة بالقصر أشهر، وفيه نظر فلينظر. وفي الصحاح : رؤف به - بالضم، ورأف به - بالفتح، ورئف به - بالكسر، فهو رؤف على فعول. قال كعب بن مالك الأنصارى :
نطيع نبينا ونطيع ربا هو الرحمن كان بنا رءوفا
ورؤف أيضا على فعل. قال جرير :
يرى للمسلمين عليه حقا كفعل الوالد الرؤوف الرحيم
والظاهر أن رسمه بواو واحدة حال المد والقصر، فيكون الأشهر قراءة المد، كما هو الأشهر في الاستعمال اللغوي. (ع)
(٢). متفق عليه من حديث أبى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه. [.....]
(٣). قوله «و قرئا منصوبين على جواب» أى قوله : فيضاعفه، وقوله فيضعفه. (ع)