الكفار الجاحدون لنعمة اللّه فيما رزقهم من الغيث والنبات، فبعث عليه العاهة فهاج واصفرّ وصار حطاما عقوبة لهم على جحودهم، كما فعل بأصحاب الجنة وصاحب الجنتين. وقيل الْكُفَّارَ :
الزراع. وقرئ : مصفارا
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢١]
سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١)
سابِقُوا سارعوا مسارعة المسابقين لأقرانهم في المضمار، إلى جنة عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ قال السدى : كعرض سبع السماوات وسبع الأرضين، وذكر العرض دون الطول، لأنّ كل ماله عرض وطول فإنّ عرضه أقل من طوله، فإذا وصف عرضه بالبسطة :
عرف أنّ طوله أبسط وأمدّ. ويجوز أن يراد بالعرض : البسطة، كقوله تعالى فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ لما حقر الدنيا وصغر أمرها وعظم أمر الآخرة : بعث عباده على المسارعة إلى نيل ما وعد من ذلك : وهي المغفرة المنجية من العذاب الشديد والفوز بدخول الجنة ذلِكَ الموعود من المغفرة والجنة فَضْلُ اللَّهِ عطاؤه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وهم المؤمنون.
[سورة الحديد (٥٧) : الآيات ٢٢ إلى ٢٤]
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤)
المصيبة في الأرض : نحو الجدب وآفات الزروع والثمار. وفي الأنفس : نحو الأدواء والموت فِي كِتابٍ في اللوح مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها يعنى الأنفس أو المصائب إِنَّ ذلِكَ إنّ تقدير ذلك وإثباته في كتاب عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وإن كان عسيرا على العباد، ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه فقال لِكَيْلا تَأْسَوْا... وَلا تَفْرَحُوا يعنى أنكم إذا علمتم أنّ كل شيء مقدر مكتوب عند اللّه قلّ أساكم على الفائت وفرحكم على الآتي، لأنّ من علم أن ما عنده معقود لا محالة : لم يتفاقم جزعه عند فقده، لأنه وطن نفسه على ذلك، وكذلك من علم أنّ بعض الخير واصل إليه، وأن وصوله لا يفوته بحال : لم يعظم فرحه عند نيله وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ