الظاهر : تقديره. وابتدعوا رهبانية ابْتَدَعُوها يعنى : وأحدثوها من عند أنفسهم ونذروها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ لم نفرضها نحن عليهم إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ استثناء منقطع، أى :
ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان اللّه فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها كما يجب على الناذر رعاية نذره، لأنه عهد مع اللّه لا يحل نكثه فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا يريد : أهل الرحمة والرأفة الذين اتبعوا عيسى وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ الذين لم يحافظوا على نذرهم. ويجوز أن تكون الرهبانية معطوفة على ما قبلها، وابتدعوها : صفة لها في محل النصب، أى : وجعلنا في قلوبهم رأفة ورحمة ورهبانية مبتدعة من عندهم، بمعنى : وقفناهم للتراحم بينهم ولابتداع الرهبانية واستحداثها، ما كتبناها عليهم إلا ليبتغوا بها رضوان اللّه ويستحقوا بها الثواب، على أنه كتبها عليهم وألزمها إياهم ليتخلصوا من الفتن ويبتغوا بذلك رضا اللّه وثوابه، فما رعوها جميعا حق رعايتها، ولكن بعضهم، فآتينا المؤمنين المراعين منهم للرهبانية أجرهم، وكثير منهم فاسقون. وهم الذين لم يرعوها.
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يجوز أن يكون خطابا للذين آمنوا من أهل الكتاب والذين آمنوا «١»
من غيرهم، فإن كان خطابا لمؤمنى أهل الكتاب. فالمعنى : يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى آمنوا بمحمد يُؤْتِكُمْ اللّه كِفْلَيْنِ أى نصيبين مِنْ رَحْمَتِهِ لإيمانكم بمحمد وإيمانكم بمن قبله وَيَجْعَلْ لَكُمْ يوم القيامة نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وهو النور المذكور في قوله يَسْعى نُورُهُمْ. وَيَغْفِرْ لَكُمْ ما أسلفتم من الكفر والمعاصي.
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢٩]
لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)

__
(١). قوله «و الذين آمنوا» لعله والذين آمنوا. (ع)


الصفحة التالية
Icon