أو عمتي من النسب أو امرأة ابني أو أبى أو أمّ امرأتى أو بنتها، فهو مظاهر. وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه. وعن الحسن والنخعي والزهري والأوزاعى والثوري وغيرهم نحوه. وقال الشافعي : لا يكون الظهار إلا بالأمّ وحدها وهو قول قتادة والشعبي. وعن الشعبي : لم ينس اللّه أن يذكر البنات والأخوات والعمات والخالات، إذ أخبر أن الظهار انما يكون بالأمّهات الوالدات دون المرضعات. وعن بعضهم : لا بد من ذكر الظهر حتى يكون ظهارا. فإن قلت : فإذا امتنع المظاهر من الكفارة، هل للمرأة أن ترافعه؟ قلت : لها ذلك. وعلى القاضي أن يجبره على أن يكفر، وأن يحبسه، ولا شيء من الكفارات يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظهار وحدها، لأنه يضرّبها في ترك التكفير والامتناع من الاستمتاع، فيلزم إيفاء حقها. فإن قلت : فإن مسّ قبل أن يكفر؟ قلت : عليه أن يستغفر ولا يعود حتى يكفر، لما روى أن سلمة بن صخر البياضي قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ظاهرت من امرأتى ثم أبصرت خلخالها في ليلة قمراء فواقعتها، فقال عليه الصلاة والسلام :«استغفر ربك ولا تعد حتى تكفر» «١»
فإن قلت : أى رقبة تجزئ في كفارة الظهار؟ قلت : المسلمة والكافرة جميعا، لأنها في الآية مطلقة.
وعند الشافعي لا تجزى إلا المؤمنة. لقوله تعالى في كفارة القتل فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ولا تجزى أمّ الولد والمدبر والمكاتب الذي أدّى شيئا، فإن لم يؤدّ شيئا جاز. وعند الشافعي : لا يجوز :
فإن قلت : فإن أعتق بعض الرقبة أو صام بعض الصيام ثم مس؟ قلت : عليه أن يستأنف - نهارا مس - أو ليلا - ناسيا أو عامدا - عند أبى حنيفة، وعند أبى يوسف ومحمد : عتق بعض الرقبة عتق كلها فيجزيه، وإن كان المسّ يفسد الصوم استقبل، وإلا بنى. فإن قلت : كم يعطى المسكين في الإطعام؟
قلت : نصف صاع من برّ أو صاعا من غيره عند أبى حنيفة، وعند الشافعي مدّا من طعام بلده الذي يقتات فيه. فإن قلت : ما بال التماس لم يذكر عند الكفارة بالإطعام كما ذكر عند الكفارتين؟ قلت : اختلف في ذلك، فعند أبى حنيفة : أنه لا فرق بين الكفارات الثلاث في وجوب تقديمها على المساس، وإنما ترك ذكره عند الإطعام دلالة على أنه إذا وجد في خلال الإطعام لم يستأنف كما يستأنف الصوم إذا وقع في خلاله. وعند غيره : لم يذكر للدلالة على أن

__
(١). لم أره بهذا اللفظ وهو في السنن الأربعة من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس «أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يكفر فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره فقال : ما حملك على ما صنعت؟ قال :
رأيت بياض ساقها في القمر. قال : فاعتزلها حتى تكفر عنك»
وللترمذي «قال : رأيت خلخالها في القمر. قال :
فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك اللّه»
أخرجوه من رواية الفضل بن موسى عن معمر عنه موصولا، وأبو داود والنسائي من رواية عبد الرزاق عن معمر مرسلا. قال النسائي : هذا أولى بالصواب ولأبى داود والترمذي من حديث سلمة بن صخر بن البياضي قال : كنت امرأ أستكثر من النساء. فذكر القصة مطولة، وليس فيها «استغفر اللّه» إلى آخره.


الصفحة التالية
Icon