واحتج به من يقول : كل مجتهد مصيب.
[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ٦ إلى ٧]
وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧)
أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ جعله له فيئا خاصة. والإيجاف من الوجيف. وهو السير السريع.
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام في الإفاضة من عرفات «ليس البرّ بإيجاف الخيل ولا إيضاع الإبل «١» على هينتكم» «٢» ومعنى فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ فما أو أوجفتم على تحصيله وتغنمه خيلا ولا ركابا، ولا تعبتم في القتال عليه، وإنما مشيتم إليه على أرجلكم. والمعنى : أنّ ما خوّل اللّه رسوله من أموال بنى النضير شيء لم تحصلوه بالقتال والغلبة، ولكن سلطه اللّه عليهم وعلى ما في أيديهم كما كان يسلط رسله على أعدائهم، فالأمر فيه مفوّض إليه يضعه حيث يشاء، يعنى :
أنه لا يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرا، وذلك أنهم طلبوا القسمة فنزلت.
لم يدخل العاطف على هذه الجملة : لأنها بيان للأولى، فهي منها غير أجنبية عنها. بين لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما يصنع بما أفاء اللّه عليه، وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوما على الأقسام الخمسة. والدولة والدولة - بالفتح والضم - وقد قرئ بهما ما يدول للإنسان، أى يدور من الجد. يقال : دالت له الدولة. وأديل لفلان. ومعنى قوله تعالى : كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ كيلا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى الفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها جدا بين الأغنياء يتكاثرون به. أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم. ومعنى الدولة الجاهلية :
أن الرؤساء منهم كانوا يستأخرون بالغنيمة لأنهم أهل الرياسة والدولة والغلبة، وكانوا يقولون من عزّ بزّ. والمعنى : كيلا يكون أخذه غلبة وأثرة جاهلية. ومنه قول الحس : اتخذوا عباد اللّه
(١). قوله «و لا إيضاع الإبل» في الصحاح : وضع البعير وغيره. أى : أسرع في سيره وأوضعه راكبه اه أى : جعله مسرعا في سيره. (ع)
(٢). أخرجه أبو داود وأحمد وإسحاق والبزار والحاكم من رواية مقسم عن ابن عباس نحوه والبخاري من وجه آخر عن ابن عباس بعضه.