[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٦ إلى ٨]

قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)
هاد يهود : إذا تهود «١» أَوْلِياءُ لِلَّهِ كانوا يقولون : نحن أبناء اللّه وأحباؤه، أى : إن كان قولكم حقا وكنتم على ثقة فَتَمَنَّوُا على اللّه أن يميتكم وينقلكم سريعا إلى دار كرامته التي أعدّها لأوليائه، ثم قال وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بسبب ما قدّموا من الكفر، وقد قال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«و الذي نفسي بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه» فلولا أنهم كانوا موقنين بصدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لتمنوا، ولكنهم علموا أنهم لو تمنوا لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد، فما تمالك أحد منهم أن يتمنى، وهي إحدى المعجزات. وقرئ :
فتمنوا الموت، بكسر الواو، تشبيها بلو استطعنا. ولا فرق بين «لا» و«لن» في أن كل واحدة منهما نفى للمستقبل، إلا أن في «لن» تأكيدا وتشديدا ليس في «لا» فأتى مرّة بلفظ التأكيد وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ ومرّة بغير لفظه وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ ثم قيل لهم : إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ ولا تجسرون أن تتمنوه خيفة أن تؤخذوا بوبال كفركم لا تفوتونه وهو ملاقيكم لا محالة ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى اللّه فيجازيكم بما أنتم أهله من العقاب. وقرأ زيد بن على رضى اللّه عنه : إنه ملاقيكم. وفي قراءة ابن مسعود : تفرون منه ملاقيكم، وهي ظاهرة. وأما التي بالفاء، فلتضمن الذي معنى الشرط، وقد جعل إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ كلاما برأسه في قراءة زيد، أى : إنّ الموت هو الشيء الذي تفرّون منه، ثم استؤنف : إنه ملاقيكم.
[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٩ إلى ١٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)
__
(١). قوله «هاد يهود إذا تهود» في الصحاح : هاد يهود : تاب ورجع إلى الحق، وهاد وتهود : إذا صار يهوديا. (ع)


الصفحة التالية
Icon