يقال : سلم لأمر اللّه، وأسلم، واستسلم بمعنى واحد. وقد قرئ بهنّ جميعا إذا تنقاد له، وخضع، وأصلها من قولك : سلم هذا لفلان إذا خلص له. ومعناه : سلم من أن ينازع فيه، وقولهم : سلم لأمر اللّه، وأسلم له منقولان منه، وحقيقة معناهما : أخلص نفسه للّه وجعلها سالمة له خالصة، وكذلك معنى : استسلم : استخلص نفسه للّه. وعن قتادة في أَسْلَما أسلم هذا ابنه وهذا نفسه وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ صرعه على شقه، فوقع أحد جبينيه على الأرض تواضعا «١» على مباشرة الأمر بصبر وجلد، ليرضيا الرحمن ويخزيا الشيطان. وروى أن ذلك كان عند الصخرة التي بمنى، وعن الحسن : في الموضع المشرف على مسجد منى. وعن الضحاك : في المنحر الذي ينحر فيه اليوم. فإن قلت : أين جواب لما؟ قلت : هو محذوف تقديره : فلما أسلما وتله للجبين وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا كان ما كان مما تنطق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما واغتباطهما، وحمدهما للّه وشكرهما على ما أنعم به عليهما، من دفع البلاء العظيم بعد حلوله، وما اكتسبا في تضاعيفه بتوطين الأنفس عليه من الثواب والأعواض ورضوان اللّه الذي ليس وراءه مطلوب، وقوله إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ تعليل لتخويل ما خوّلهما من الفرج بعد الشدّة، والظفر بالبغية بعد اليأس الْبَلاءُ الْمُبِينُ الاختبار البين الذي يتميز فيه المخلصون من غيرهم. أو المحنة البينة الصعوبة التي لا محنة أصعب منها. الذبح : اسم ما يذبح. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما : هو الكبش الذي قرّبه هابيل فقبل منه، وكان يرعى في الجنة حتى فدى به إسماعيل. وعن الحسن : فدى بو على «٢» أهبط عليه من ثبير. وعن ابن عباس : لو تمت تلك الذبيحة لكانت سنة وذبح الناس أبناءهم»
عَظِيمٍ ضخم الجثة سمين، وهي السنة في الأضاحى. وقوله عليه السلام «استشرفوا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم» وقيل : لأنه وقع فداء عن ولد إبراهيم. وروى أنه هرب من إبراهيم عليه السلام عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتّى أخذه، فبقيت سنة في الرمي. وروى أنه رمى الشيطان حين تعرض له بالوسوسة عند ذبح ولده : وروى أنه لما ذبحه قال جبريل : اللّه أكبر اللّه أكبر، فقال الذبيح : لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، فقال إبراهيم عليه السلام : اللّه أكبر وللّه الحمد «٤»، فبقى سنة : وحكى في قصة الذبيح أنه حين أراد ذبحه وقال : يا بنى خذ الحبل والمدية وانطلق بنا إلى الشعب نحتطب، فلما توسط شعب ثبير أخبره بما أمر، فقال : اشدد رباطى لا أضطرب، واكفف عنى ثيابك

__
(١). قوله «تواضعا على مباشرة الأمر» أى توافقا. (ع)
(٢). قوله «بو عل» في الصحاح : الوعل : الأروى اه، ويقال : التيس الجبلي. (ع)
(٣). لم أجده.
(٤). لم أجده.


الصفحة التالية
Icon