خروقك في دينك، وترم خلك «١». وقيل : خالصة، من قولهم : عسل ناصح إذا خلص من الشمع. ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس، أى : تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها. وقرأ زيد بن على : توبا نصوحا. وقرئ :
نصوحا بالضم، وهو مصدر نصح. والنصح والنصوح، كالشكر والشكور، والكفر والكفور أى : ذات نصوح. أو تنصح نصوحا. أو توبوا لنصح أنفسكم على أنه مفعول له عَسى رَبُّكُمْ إطماع من اللّه لعباده، وفيه وجهان، أحدهما : أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بعسى ولعل. ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت. والثاني : أن يجيء به تعليما العباد وجوب الترجح بين الخوف والرجاء، والذي يدل على المعنى الأول وأنه في معنى البت :
قراءة ابن أبى عبلة : ويدخلكم بالجزم، عطفا على محل عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ كأنه قيل : توبوا يوجب لكم تكفير سيئاتكم ويدخلكم يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ نصب بيدخلكم، ولا يخزى :
تعريض بمن أخزاهم اللّه من أهل الكفر والفسوق، واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم يَسْعى نُورُهُمْ على الصراط أَتْمِمْ لَنا نُورَنا قال ابن عباس : يقولون ذلك إذا طفئ نور المنافقين إشفاقا. وعن الحسن : اللّه متممه لهم ولكنهم يدعون تقربا إلى اللّه، كقوله تعالى وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وهو مغفور له. وقيل : يقوله أدناهم منزلة، لأنهم يعطون من النور قدر ما يبصرون به مواطئ أقدامهم، لأنّ النور على قدر الأعمال فيسألون إتمامه تفضلا.
وقيل : السابقون إلى الجنة يمرون مثل البرق على الصراط، وبعضهم كالريح، وبعضهم حبوا وزحفا، فأولئك الذين يقولون رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا فإن قلت : كيف يشفقون والمؤمنون آمنون، أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ. فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ أو كيف «٢» يتقربون وليست الدار دار تقرّب؟ قلت : أما الإشفاق فيجوز أن يكون على عادة البشرية وإن كانوا معتقدين الأمن. وأما التقرّب فلما كانت حالهم كحال المتقربين حيث يطلبون ما هو حاصل لهم من الرحمة : سماه تقرّبا.
[سورة التحريم (٦٦) : آية ٩]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)
جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف وَالْمُنافِقِينَ بالاحتجاج، واستعمل الغلظة والخشونة على

__
(١). قوله «و ترم خلك» في الصحاح «الخل» الثوب البالي. وعبارة النسفي : خالك. وفي الصحاح «الخلل» بالتحريك : الفرجة بين الشيئين، وفساد في الأمر. (ع)
(٢). قوله «أو كيف» لعله : وكيف. (ع)


الصفحة التالية
Icon