تشبّبى تشبّب النّميمه تمشى بها زهرا إلى تميمه «١»
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ بخيل. والخير : المال. أو مناع أهله الخير وهو الإسلام، فذكر الممنوع منه دون الممنوع، كأنه قال : مناع من الخير. قيل : هو الوليد بن المغيرة المخزومي : كان موسرا، وكان له عشرة من البنين، فكان يقول لهم وللحمته :«٢» من أسلم منكم منعته رفدي عن ابن عباس. وعنه : أنه أبو جهل. وعن مجاهد : الأسود بن عبد يغوث. وعن السدى : الأخنس ابن شريق، أصله في ثقيف وعداده في زهرة، ولذلك قيل : زنيم مُعْتَدٍ مجاوز في الظلم حده أَثِيمٍ كثير الآثام عُتُلٍّ غليظ جاف، من عتله : إذا قاده بعنف وغلظة بَعْدَ ذلِكَ بعد ما عدّله من المثالب والنقائص زَنِيمٍ دعى «٣». قال حسان :
وأنت زنيم نيط في ءال هاشم كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد «٤»
وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده. وقيل :
بغت أمّه ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية، جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه، لأنه إذا جفا وغلظ طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية، ولأنّ الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشئ منها. ومن ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده» «٥» وبَعْدَ ذلِكَ نظير ثُمَّ في قوله ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وقرأ الحسن : عتل،
(١). لأعرابى يخاطب النار. والتشبب : التوقد. والتميمة : تزوير الكلام وتزويقه للافساد بين الناس. وثوب منمم ومنمنم : منقش محسن. وزهرا - بالفتح - : اسم امرأة نمامة. وتميمة : قبيلة تميم، ونزل النار منزلة العاقل فأمرها وقال : اشتعلى كاشتعال النميمة حال كونها تمشى بها هذه المرأة إلى بنى تميم، وكانت كثيرة الإفساد بين العرب، حتى ضرب بها المثل، وجعل اشتعال نميمتها أبلغ من اشتعال النار، فأمرها أن تتوقد كتوقدها، وبين نميمة وتميمة الجناس اللاحق.
(٢). قوله «يقول لهم وللحمته» في الصحاح «اللحمة» بالضم : القرابة. (ع)
(٣). قال محمود :«العتل الجافي، والزنيم الداعي، وكذلك كان الوليد بن المخزومي استلحقه المغيرة بعد ثمان عشر من مولده... الخ» قال أحمد : وإنما أخذ كون هذين أشد معايبه من قوله بعد ذلك، فانه يعطى تراخى المرتبة فيما بين المذكور أولا والمذكور بعده في الشر والخير. ونظيره في الخير قوله تعالى وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ومن ثم استعملت ثم لتراخى المراتب، وإن أعطت عكس الترتيب الوجودي.
(٤). لحسان بن ثابت يخاطب الوليد بن المغيرة، يقول : إنه زنيم، أى معلق في آل هاشم كالزنمة في الإهاب وهي قطعة جلد صغيرة تترك معلقة بطرفه، فشبهه بها وشبهه بالقدح المنفرد الفارغ المعلق خلف الراكب.
(٥). أخرجه أبو نعيم في ترجمة مجاهد من رواية عبد اللّه بن حسن في ترجمة يوسف بن أسباط من رواية بركة بن محمد عن يوسف بن أسباط عن أبى إسرائيل الملائى عن إسماعيل بن إسحاق عن قبيصة بن عمرو عن مجاهد عن بنى عمر عن أبى هريرة. ثم رواه من طريق إسحاق بن منصور عن أبى إسرائيل به وأبو إسحاق ضعيف جدا. وقد ادعى ابن طاهر وابن الجوزي أن هذا الحديث موضوع. وقد خولف عن مجاهد. رواه النسائي من طريق إبراهيم بن مجاهد عن مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة بلفظ «لا يدخل الجنة ولد زنا. ولا شيء من نسله إلى سبعة آباء» وإبراهيم فيه ضعف. ورواه أيضا من رواية يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن أبى سعيد نحو حديث منصور الآتي. ويزيد ضعيف وروى النسائي أيضا من رواية شعبة عن منصور عن سالم بن أبى الجعد عن عبد اللّه بن شريك عن جابان عن عبد اللّه بن عمر بلفظ «لا يدخل ولد زانية الجنة» ومن رواية سفيان عن منصور بإسقاط عبد اللّه بن شريك. وأخرجه ابن حبان من الوجهين. وقال الطريقان محفوظان. إلا أن الثوري أعرف بحديث ملو.