فقيل : الرجفة. وعن ابن عباس : الصاعقة. وعن قتادة : بعث اللّه عليهم صيحة فأهمدتهم.
وقيل : الطاغية مصدر كالعافية، أى : بطغيانهم، وليس بذاك لعدم الطباق بينها وبين قوله بِرِيحٍ صَرْصَرٍ والصرصر : الشديدة الصوت لها صرصرة. وقيل : الباردة من الصر، كأنها التي كرر فيها البرد وكثر : فهي تحرق لشدة بردها عاتِيَةٍ شديدة العصف والعتوّ استعارة.
أو عتت على عاد، فما قدروا على ردّها بحيلة، من استتار ببناء، أو لياذ بجبل، أو اختفاء في حفرة، فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم. وقيل : عتت على خزانها، فخرجت بلا كيل ولا وزن : وروى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«ما أرسل اللّه سفينة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من مطر إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح، فإنّ الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه السبيل، ثم قرأ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ «١» ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها. الحسوم : لا يخلو من أن يكون جمع حاسم كشهود وقعود. أو مصدرا كالشكور والكفور، فإن كان جمعا فمعنى قوله حُسُوماً نحسات حسمت كل خير واستأصلت كل بركة.
أو متتابعة هبوب الرياح : ما خفتت ساعة حتى أتت عليهم تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء، كرة بعد أخرى حتى ينحسم. وإن كان مصدرا : فإما أن ينتصب بفعله مضمرا، أى : تحسم حسوما، بمعنى تستأصل استئصالا. أو يكون صفة كقولك : ذات حسوم.
أو يكون مفعولا له، أى : سخرها عليهم للاستئصال. وقال عبد العزيز ابن زرارة الكلابي :
ففرّق بين بينهم زمان تتابع فيه أعوام حسوم «٢»
وقرأ السدى : حسوما، بالفتح حالا من الريح، أى : سخرها عليهم مستأصلة. وقيل : هي أيام العجوز، وذلك أن عجوزا من عاد توارت في سرب، فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها.
وقيل : هي أيام العجز، وهي آخر الشتاء وأسماؤها : الصن والصنبر، والوبر. والآمر،

__
(١). أخرجه الثعلبي وابن مردويه من رواية موسى بن أعين عن الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس مرفوعا. وأخرجه الطبري من طريق مهران بن أبى عمر عن سفيان موقوفا. [.....]
(٢). لعبد العزيز بن زرارة الكلابي، وأصل الكلام : ففرق بينهم زمان، فبينهم ظرف للتفريق، إلا أنه أراد المبالغة بجعل التفريق بين أجزاء هذا الظرف أيضا، فقال : ففرق بين بينهم زمان، وإذا فرق بين الظرف فقد فرق بين أصحابه بالضرورة، فهو من باب الكناية. ويمكن أن بين الثاني كناية عن الوصلة التي بينهم، ولعل أصله : ففرق بين ذات بينهم، وبين سبب تفريق الزمان بينهم بوصفه بأنه تتابع فيه أعوام حسوم، من الحسم :
وهو القطع، والكي بالنار مرة بعد أخرى حتى ينقطع الدم. وظاهر كلام الجوهري أنه مفرد، لأنه قال : أيام حسوم، أى : مستأصلة. والحسوم : الشؤم. ويجوز أنه جمع حاسم كراكع وركوع، وساجد وسجود، أى : حاسمات وقاطعات لأبواب الخيرات.


الصفحة التالية
Icon