[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١٣ إلى ١٨]
فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧)يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨)
أسند الفعل إلى المصدر، وحسن تذكيره للفصل. وقرأ أبو السمال نفخة واحدة بالنصب مسندا للفعل إلى الجار والمجرور. فإن قلت : هما نفختان، فلم قيل : واحدة «١»؟ قلت معناه أنها لا تثنى في وقتها. فإن قلت : فأى النفختين هي؟ قلت الأولى لأن عندها فساد العالم، وهكذا الرواية عن ابن عباس. وقد روى عنه أنها الثانية. فإن قلت : أما قال بعد يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ والعرض إنما هو عند النفخة الثانية؟ قلت : جعل اليوم اسما للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان والصعقة والنشور والوقوف والحساب، فلذلك قيل يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ كما تقول :
جئته عام كذا، وإنما كان مجيئك في وقت واحد من أوقاته وَحُمِلَتِ ورفعت من جهاتها بريح بلغت من قوّة عصفها أنها تحمل الأرض والجبال. أو بخلق من الملائكة. أو بقدرة اللّه من غير سبب. وقرئ : وحملت، بحذف المحمل وهو أحد الثلاثة فَدُكَّتا فدكت الجملتان :
جملة الأرضين وجملة الجبال، فضرب بعضها ببعض حتى تندقّ وترجع كثيبا مهيلا وهباء منبثا. والدك أبلغ من الدق. وقيل : فبسطتا بسطة واحدة، فصارتا أرضا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، من قولك : اندكّ السنام إذا انفرش. وبعير أدك وناقة دكاء. ومنه : الدكان فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ فحينئذ نزلت النازلة وهي القيامة واهِيَةٌ مسترخية ساقطة القوّة جدّا بعد ما كانت محكمة مستمسكة. يريد : والخلق الذي يقال له الملك، وردّ إليه الضمير مجموعا في قوله فَوْقَهُمْ على المعنى : فإن قلت : ما الفرق بين قوله وَالْمَلَكُ، وبين أن يقال والملائكة؟
قلت : الملك أعمّ من الملائكة، ألا ترى أن قولك : ما من ملك إلا وهو شاهد، أعم من قولك : ما من ملائكة عَلى أَرْجائِها على جوانبها : الواحد رجا مقصور، يعنى : أنها تنشق، وهي مسكن الملائكة، فينضوون «٢» إلى أطرافها وما حولها من حافاتها «٣» ثَمانِيَةٌ أى : ثمانية
__
(١). قال محمود :«إن قلت : لم قال واحدة وهما نفختان... الخ»؟ قال أحمد : وأما فائدة الاشعار بعظم هذه للنفخة : أن المؤثر لدك الأرض والجبال وخراب العالم هي وحدها غير محتاجة إلى أخرى.
(٢). قوله «فينضوون إلى أطرافها» في الصحاح ضويت إليه : أويت إليه وانضممت. (ع)
(٣). قال محمود :«أى على حافتها لأنها تنشق تنضوى الملائكة الذين هي سكانها إلى أذيالها... الخ» قال أحمد : كلاهما معرف تعريف الجنس، فالواحد والجمع سواء في العموم.
(١). قال محمود :«إن قلت : لم قال واحدة وهما نفختان... الخ»؟ قال أحمد : وأما فائدة الاشعار بعظم هذه للنفخة : أن المؤثر لدك الأرض والجبال وخراب العالم هي وحدها غير محتاجة إلى أخرى.
(٢). قوله «فينضوون إلى أطرافها» في الصحاح ضويت إليه : أويت إليه وانضممت. (ع)
(٣). قال محمود :«أى على حافتها لأنها تنشق تنضوى الملائكة الذين هي سكانها إلى أذيالها... الخ» قال أحمد : كلاهما معرف تعريف الجنس، فالواحد والجمع سواء في العموم.