لأمرى، فلم أبعث بعدها، ولم ألق ما ألقى. أو للحالة، أى : ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضت علىّ، لأنه رأى تلك الحالة أبشع وأمر مما ذاقه من مرارة الموت وشدته، فتمناه عندها ما أَغْنى نفى أو استفهام على وجه الإنكار، أى : أىّ شيء أغنى عنى ما كان لي من اليسار هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ملكي وتسلطي على الناس، وبقيت فقيرا ذليلا. وعن ابن عباس :
أنها نزلت في الأسود بن عبد الأشد. وعن فناخسرة الملقب بالعضد، أنه لما قال :
عضد الدّولة وابن ركنها ملك الأملاك غلّاب القدر «١»
لم يفلح بعده وجنّ فكان لا ينطق لسانه إلا بهذه الآية. وقال ابن عباس : ضلت عنى حجتي.
ومعناه : بطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا.
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٣٠ إلى ٣٧]
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)
فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (٣٧)
ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثم لا تصلوه إلا الجحيم، وهي النار العظمى، لأنه كان سلطانا يتعظم على الناس. يقال : صلى النار وصلاه النار. سلكه في السلسلة : أن تلوى على جسده حتى تلتف
(١) ليس شرب الكأس إلا في المطر وغناء من جوار في سحر
غانيات سالبات النهى ناعمات في تضاعيف الوتر
مبردات الكأس من مطلعها ساقيات الكأس من فاق البشر
عضد الدولة وابن ركنها ملك الأملاك غلاب القدر
الحسن بن على الطوسي. وقيل لعضد الدولة نفسه، يقول : ليس شرب الخمر الكامل اللذة إلا في حال المطر، وفي حال غناء الجواري في السحر، غانيات : جميلات مقيمات في العيون عذرات، سالبات : ناهبات للنهى : جمع نهية وهي العقل، ناعمات : أى متنعمات. وفي تضاعيف الوتر : متعلق بغناء. ويروى : ناغمات، بالمعجمة، أى :
محسنات لأصواتهن في أثناء صوت الوتر، وهو الخيط المشدود في آلة اللهو. والراح : الخمر. وعضد الدولة :
بدل من الموصول المفعول بساقيات. والعضد في الأصل : استعارة للممدوح لأن به قوتها. كالعضد للإنسان.
والركن كذلك استعارة لأبيه يجامع التقوية أيضا، وهو أقرب من تشبيه الدولة بالإنسان تارة وبالبناء أخرى، على طريق المكنية، ولكنهما الآن لقبان للممدوح وأبيه، وذكر الضمير وإعادته على الدولة مع أنها جزء العلم في المحلين للمح الأصل كالاستعارة. والقدر : ما قدره اللّه وقضاه. وفي وصف ممدوحه بأنه غلاب القدر من فجور النساء ما لا يخفى، ولذلك روى أنه جن وحبس لسانه حتى مات : وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم :«أغيظ الناس رجلا على اللّه يوم القيامة وأخبثهم : رجل تسمى ملك الأملاك، ولا ملك إلا اللّه».