مُصْبِحِينَ
داخلين في الصباح، يعنى : تمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشام ليلا ونهارا، فما فيكم عقول تعتبرون بها.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٣٩ إلى ١٤٨]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)
قرئ : يونس، بضم النون وكسرها. وسمى هربه من قومه بغير إذن ربه : إباقا على طريقة المجاز. والمساهمة : المقارعة. ويقال : استهم القوم، إذا اقترعوا. والمدحض : المغلوب المقروع.
وحقيقته : المزلق عن مقام الظفر والغلبة. روى أنه حين ركب في السفينة وقفت، فقالوا : هاهنا عبد أبق من سيده، وفيما يزعم البحارون أنّ السفينة إذا كان فيها آبق لم تجر، فاقترعوا، فخرجت القرعة على يونس فقال : أنا الآبق، وزجّ بنفسه في الماء فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ داخل في الملامة. يقال : ربّ لائم مليم، أى يلوم غيره وهو أحق منه باللوم. وقرئ : مليم، بفتح الميم، من ليم فهو مليم، كما جاء : مشيب في مشوب، مبنيا على شيب. ونحوه : مدعى، بناء على دعى مِنَ الْمُسَبِّحِينَ من الذاكرين اللّه كثيرا بالتسبيح والتقديس. وقيل : هو قوله في بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ وقيل : من المصلين. وعن ابن عباس : كل تسبيح في القرآن فهو صلاة «١». وعن قتادة : كان كثير الصلاة في الرخاء. قال :
وكان يقال : إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر، وإذا صرع وجد متكأ. وهذا ترغيب من اللّه عز وجل في إكثار المؤمن من ذكره بما هو أهله، وإقباله على عبادته، وجمع همه لتقييد
(١). أخرجه الطبري وابن مردويه من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى اللّه عنهما - قوله ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة موقوفا