وقال أوس بن حجر :
وانقضّ كالدّرّي يتبعه نقع يثور تخاله طنبا «١»
وقال عوف بن الخرع :
يردّ علينا العير من دون إلفه أو الثّور كالدّرّىّ يتبعه الدّم «٢»
ولكن الشياطين كانت تسترق في بعض الأحوال، فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الإنس والجن، ومنع الاستراق أصلا. وعن معمر : قلت للزهري : أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال : نعم. قلت : أرأيت قوله تعالى وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ فقال : غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم. وروى الزهري عن على بن الحسين عن ابن عباس رضى اللّه عنهما : بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس في نفر من الأنصار إذ رمى بنجم فاستنار، فقال : ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية؟
فقالوا : كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم «٣». وفي قوله مُلِئَتْ دليل على أن الحادث هو المل والكثرة، وكذلك قوله نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ أى كنا نجد فيها بعض المقاعد خالية من الحرس والشهب، والآن ملئت المقاعد كلها، وهذا ذكر ما حملهم على الضرب في البلاد حتى عثروا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واستمعوا قراءته.
(١). لأوس بن حجر يصف فرسا بشدة العدو والسرعة، كالكوكب الدري نسبة للدر لصفاته، أو مأخوذ من الدرء لدرئه الظلام، يتبعه : أى الفرس نقع، أى غبار ينتشر تظنه طنبا بضمتين، وهو حبل الخيمة كما يتبع الدري شعاعه ممتدا عند هويه، فقد شبه النقع بالطنب تصريحا، وبشعاع الكوكب : ضمنا.
(٢). لعوف بن الخرع، يصف فرسا بشدة العدو في الصيد، وأنه يرد عليه الحمار الوحشي حال كونه. أى الحمار من دون إلفه أى بقربه أو يرده من دونه، أى من قربه، وإذا رده من جنب ألفه كان رده وهو وحده أهون عليه، لأنه إذا كان مع إلفه كان أشد فرارا. ويجوز أن المعنى : حال كون الحمار بدون إلفه أى منفردا لا إلف معه يوجب ارتباكه. أو يرد علينا الثور الوحشي حال كونه، أى الثور، كالدرى. أو حال كون الفرس كالدرى، أى : كالكوكب نسبة للدر لصفاء جوهره وإضاءته. أو من الدرة، أى : الدفع، لأنه يدرؤ الظلام حال كون الكوكب يتبعه عند سقوطه من السماء خط أحمر من ضوئه يشبه الدم، فالدم : استعارة مصرحة.
(٣). أخرجه مسلم من رواية الأوزاعي عن الزهري عن على بن الحسين عن ابن عباس أخبرنى رجال من الأنصار، وقال «بينما هم جلوس - فذكره مطولا» ورواه الترمذي من رواية معمر عن الزهري عن على بن الحسين عن ابن عباس قال «بينما - فذكره» ولم يقل : أخبرنى رجال. [.....]