أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علمه اللّه منهم فأثنى عليهم. والشكور والكفور : مصدران كالشكر والكفر إِنَّا نَخافُ يحتمل إن إحساننا إليكم للخوف من شدة ذلك اليوم، لا لإرادة مكافأتكم، وإنا لا نريد منكم المكافأة لخوف عقاب اللّه تعالى على طلب المكافأة بالصدقة.
ووصف اليوم بالعبوس. مجاز على طريقين : أن يوصف بصفة أهله من الأشقياء، كقولهم :
نهارك صائم : روى أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، وأن يشبه في شدته وضرره بالأسد العبوس أو بالشجاع الباسل : والقمطرير : الشديد العبوس الذي يجمع ما بين عينيه. قال الزجاج : يقال : اقمطرت الناقة : إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها وزمت بأنفها «١»، فاشتقه من القطر وجعل الميم مزيدة. قال أسد بن ناعصة «٢»
واصطليت الحروب في كلّ يوم باسل الشّرّ قمطرير الصّباح «٣»
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١١ إلى ٢٢]
فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥)
قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠)
عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢)
(١). قوله «و جمعت قطريها وزمت بأنفها» القطر : الناحية والجانب. وزق الطائر فرخه : أطعمه بفيه.
والزقرة : ترقيص الطفل، كذا في الصحاح. (ع)
(٢). قوله «قال أسد بن ناعصة» من النعص : وهو التمايل. (ع)
(٣). لأسد بن ناعصة. وصلى النار واصطلاها إذا ذاق شدة حرها وتدفأ بها، فشبه الحرب بالنار على طريق المكنية، والاصطلاء تخييل، والباسل : الشجاع إذا اشتد كلوحه. والقمطرير : الشديد العيوس الذي يجمع ما بين عينيه، يقال : اقمطرت الناقة، إذا جمعت قطريها فرفعت ذنبها وزمت بأنفها، فهو من القطر، والميم زائدة، ووصف الشر والصياح بذلك مجاز.