لِمَنْ يَرى للرائين جميعا، أى : لكل أحد، يعنى : أنها تظهر إظهارا بينا مكشوفا «١»، يراها أهل الساهرة كلهم، كقوله : قد بين الصبح لذي عينين، يريد : لكل من له بصر، وهو مثل في الأمر المنكشف الذي لا يخفى على أحد. وقرأ ابن مسعود : لمن رأى. وقرأ عكرمة : لمن ترى. والضمير للجحيم، كقوله إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وقيل : لمن ترى يا محمد.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٣٧ إلى ٣٩]
فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩)
فَأَمَّا جواب فَإِذا أى : فإذا جاءت الطامّة فإنّ الأمر كذلك. والمعنى : فإنّ الجحيم مأواه، كما تقول للرجل : غض الطرف، تريد : طرفك، وليس الألف واللام بدلا من الإضافة، ولكن لما علم أنّ الطاغي هو صاحب المأوى، وأنه لا يغض الرجل طرف غيره : تركت الإضافة، ودخول حرف التعريف في المأوى والطرف للتعريف، لأنهما معروفان، وهِيَ فصل أو مبتدأ.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٤٠ إلى ٤١]
وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١)
وَنَهَى النَّفْسَ الأمارة بالسوء عَنِ الْهَوى المردي وهو اتباع الشهوات وزجرها عنه وضبطها بالصبر والتوطين على إيثار الخير. وقيل : الآيتان نزلتا في أبى عزير بن عمير ومصعب بن عمير، وقد قتل مصعب أخاه أبا عزير يوم أحد، ووقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بنفسه حتى نفذت المشاقص «٢» في جوفه «٣».
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٤٢ إلى ٤٦]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦)
أَيَّانَ مُرْساها متى إرساؤها، أى إقامتها، أرادوا : متى يقيمها اللّه ويثبتها ويكوّنها؟
(١). قال محمود :«يعنى أظهرت إظهارا بينا مكشوفا... الخ» قال أحمد : وفائدة هذا النظم الاشعار بأنه أمر ظاهر لا يتوقف إدراكه إلا على البصر خاصة، أى : لا شيء يحجبه ولا بعد يمنع رؤيته، ولا قرب مفرط، إلى غير ذلك من موانع الرؤية.
(٢). قوله «حتى نفذت المشاقص» جمع مشقص : وهو السهم الطويل العريض. أفاده الصحاح. (ع)
(٣). لم أجده.