التاء في الصاد. وقرأ أبو جعفر : تصدى، بضم التاء، أى : تعرّض. ومعناه : يدعوك داع إلى التصدي له : من الحرص والتهالك على إسلامه، وليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالإسلام إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ، يَسْعى يسرع في طلب الخير وَهُوَ يَخْشى اللّه أو يخشى الكفار، وأذاهم في إتيانك. وقيل : جاء وليس معه قائد، فهو يخشى الكبوة تَلَهَّى تتشاغل، من لهى عنه. والتهى. وتلهى. وقرأ طلحة بن مصرف : تتلهى. وقرأ أبو جعفر : تلهى، أى :
يلهيك شأن الصناديد. فإن قلت : قوله فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كأن فيه اختصاصا. قلت، نعم، ومعناه : إنكار التصدي والتلهي عليه، أى : مثلك خصوصا لا ينبغي له أن يتصدى للغنىّ ويتلهى عن الفقير.
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١١ إلى ١٦]
كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥)
كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦)
كَلَّا ردع عن المعاتب عليه، وعن معاودة مثله إِنَّها تَذْكِرَةٌ أى موعظة يجب الاتعاظ والعمل بموجبها فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ أى كان حافظا له غير ناس، وذكر الضمير لأنّ التذكرة في معنى الذكر والوعظ فِي صُحُفٍ صفة لتذكرة، يعنى : أنها مثبتة في صحف منتسخة من اللوح مُكَرَّمَةٍ عند اللّه مَرْفُوعَةٍ في السماء. أو مرفوعة المقدار مُطَهَّرَةٍ منزهة عن أيدى الشياطين، لا يمسها إلا أيدى ملائكة مطهرين سَفَرَةٍ «١» كتبة ينتسخون الكتب من اللوح بَرَرَةٍ أتقياء. وقيل : هي صحف الأنبياء، كقوله إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى وقيل السفرة : القرّاء. وقيل : أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١٧ إلى ٢٣]
قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١)
ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣)
قُتِلَ الْإِنْسانُ دعاء عليه، وهي من أشنع دعواتهم «٢»، لأنّ القتل قصارى شدائد

__
(١). قوله «سفرة» في الصحاح : واحدهم سافر، ككافر وكفرة. (ع)
(٢). قال محمود :«دعاء عليه وهو من أشنع دعائهم... الخ» قال أحمد : ما رأيت كاليوم قط عبدا ينازع ربه، اللّه تعالى يقول ثُمَّ شَقَقْنَا فيضيف فعله إلى ذاته حقيقة، كما أضاف بقية أفعاله من عند قوله مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ وعلم جرا. والزمخشري يجعل الاضافة مجازية من باب إسناد الفعل إلى سببه، فيجعل إضافة الفعل إلى اللّه تعالى من باب إضافة الشق إلى الحراث، لأنه السبب. قتل القدري ما أكفره على قول، وما أضله على آخر، وإذا جعل شق الأرض مضافا إلى الحراث حقيقة، وإلى اللّه مجازا، فما يمنعه أن يجعل الحراث هو الذي صبب الماء وأنبت الحب، والعقب والقضب : حقيقة، وهل هما إلا واحد.


الصفحة التالية
Icon