الفجار الذين لا يهمهم أمر الآخرة ولا يفكرون في العواقب، ولم يكن كئيبا حزينا متفكرا كعادة الصلحاء والمتقين وحكاية اللّه عنهم إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ. ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ لن يرجع إلى اللّه تعالى تكذيبا بالمعاد. يقال : لا يحور ولا يحول، أى : لا يرجع ولا يتغير.
قال لبيد :
يحور رمادا بعد إذ هو ساطع «١»
وعن ابن عباس : ما كنت أدرى ما معنى يحور حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها : حورى، أى : ارجعي بَلى إيجاب لما بعد النفي في لَنْ يَحُورَ أى : بلى ليحورنّ إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً وبأعماله لا ينساها ولا تخفى عليه، فلا بدّ أن يرجعه ويجازيه عليها. وقيل : نزلت الآيتان في أبى سلمة بن عبد الأشدّ وأخيه الأسود بن عبد الأشد.
[سورة الانشقاق (٨٤) : الآيات ١٦ إلى ١٩]
فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩)
الشفق : الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس، وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء، إلا ما يروى عن أبى حنيفة رضى اللّه عنه في إحدى الروايتين :
أنه البياض. وروى أسد بن عمرو : أنه رجع عنه، سمى لرقته. ومنه الشفقة على الإنسان :
رقة القلب عليه وَما وَسَقَ وما جمع وضم، يقال : وسقه فاتسق واستوسق. قال :
مستوسقات لو يجدن سائقا «٢»
ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين : اتسع واستوسع. ومعناه : وما جمعه وستره وآوى إليه من الدواب وغيرها إِذَا اتَّسَقَ إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة. قرئ :
لتركبن، على خطاب الإنسان في يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ولتركبن، بالضم على خطاب الجنس، لان النداء للجنس، ولتركبن بالكسر على خطاب النفس، وليركبن بالياء على : ليركبن

__
(١). تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الرابع صفحة ١٣ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٢) إن لنا قلائصا حقائقا مستوسقات لو يجدن سائقا
القلائص : جمع قلوص وهي الفتية من الإبل. والحقائق : جمع حقة، التي استحقت الحمل عليها، أو استحقت ضراب الفحل. ويقال : وسقه فاتسق واستوسق، أى : جمع عليه الأحمال فتحمل، أو جمعه فاجتمع ومستوسقات :
محملات أو مجتمعات، وأو بمعنى إلى، أى : واقفات إلى أن يجدن من يسوقهن فيسرن. ويروى : لو يجدن.
وفيه معنى التمني. ويجوز أن جوابه مقدر، أى : لأسرعن :


الصفحة التالية
Icon