سورة الطارق
مكية، وآياتها ١٧ [نزلت بعد البلد] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ١ إلى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)
النَّجْمُ الثَّاقِبُ المضيء، كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه، كما قيل : درّىء، لأنه يدرؤه، أى : يدفعه. ووصف بالطارق، لأنه يبدو بالليل، كما يقال للآتى ليلا : طارق : أو لأنه يطرق الجنى، أى يصكه. والمراد : جنس النجوم، أو جنس الشهب التي يرجم بها. فإن قلت : ما يشبه قوله وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ : النَّجْمُ الثَّاقِبُ إلا ترجمة كلمة بأخرى، فبين لي أى فائدة تحته؟
قلت : أراد اللّه عز من قائل : أن يقسم بالنجم الثاقب تعظيما له، لما عرف فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة، وأن ينبه على ذلك فجاء بما هو صفة مشتركة بينه وبين غيره، وهو الطارق، ثم قال : وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ؟ ثم فسره بقوله النَّجْمُ الثَّاقِبُ كل هذا إظهار لفخامة شأنه، كما قال فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ روى أنّ أبا طالب كان عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فانحط نجم، فامتلأ ما ثم نورا. فجزع أبو طالب وقال : أى شيء هذا؟ فقال عليه السلام : هذا نجم رمى به، وهو آية من آيات اللّه، فعجب أبو طالب «١»، فنزلت.
[سورة الطارق (٨٦) : آية ٤]
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)
فإن قلت : ما جواب القسم؟ قلت إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ لأنّ «إن» لا تخلو فيمن قرأ لما مشددة، بمعنى : إلا أن تكون نافية. وفيمن قرأها مخففة على أن «ما» صلة تكون مخففة من الثقيلة، وأيتهما كانت فهي مما يتلقى به القسم، حافظ مهيمن عليها رقيب، وهو اللّه عز وجل وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً وقيل : ملك يحفظ عملها ويحصى عليها ما تكسب من خير وشر. وروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم :«و كل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب. ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين «٢»».
__
(١). هكذا ذكره الثعلبي والواحدي بغير إسناد.
(٢). أخرجه الطبراني من رواية عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبى أمامة به وأتم منه. وعفير ضعيف.


الصفحة التالية
Icon