عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«من قرأ سورة إذا جاء نصر اللّه أعطى من الأجر كمن شهد مع محمد يوم فتح مكة» «١».
سورة المسد
مكية، وآياتها ٥ [نزلت بعد الفاتحة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المسد (١١١) : الآيات ١ إلى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)
التباب : الهلاك. ومنه قولهم : أشابة أم تابة، أى : هالكة من الهرم والتعجيز. والمعنى :
هلكت يداه، لأنه فيما يروى : أخذ حجرا ليرمى به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وَتَبَّ وهلك كله. أو جعلت يداه هالكتين. والمراد : هلاك جملته، كقوله تعالى بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ومعنى وَتَبَّ : وكان ذلك وحصل، كقوله :
جزانى جزاه اللّه شرّ جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل «٢»
__
(١). أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.
(٢). كأن قد فعل به خيرا فجزاء شرا، فدعا عليه بقوله : جزاه اللّه شر جزائه. جزاء الكلاب : بدل من «شر جزائه» وضمير «جزائه» للّه. أو للرجل المدعو عليه. وجزاء الكلاب العاويات : رجمها. ويروى «العاديات» بالدال، بدل الواو. وقد فعل : أى فعل اللّه ذلك الجزاء في الواقع، حيث أوقعه. وفيه من أنواع البديع :
الرجوع، وهو العود إلى الكلام السابق بالنقض لنكتة، لأن مقتضى الدعاء أن المدعو به لم يحصل، فنقضه بقوله «و قد فصل». ويروى بدل الشطر الأول : جزى ربه عنى عدى بن حاتم. وضمير «ربه» لحاتم، وإن تأخر لفظا ورتبة للضرورة، وأجازه الأخفش وابن جنى وابن مالك في السعة، لأن المفعول به كان متقدما لشدة اقتضاء الفعل إياه. وقيل عائد الجزاء المعلوم من جزى. ويروى بدل الشطر الأول أيضا : جزى اللّه عبسا عبس آل بغيض. وهي قبيلة معروفة، ولعل شاعر متعدد، وما حكاه بعض شراح شواهد الجامى من أن عدى بن حاتم رجل روى بنى قصرا النعمان بن امرئ القيس بظهر الكوفة، فأعجبه فسأله : هل بنيت مثله فقال : لا، وبنيته على حجر لو سقط سقط القصر، فألقاه من أعلاه فخر ميتا : فهو خطأ. والصواب أن هذه الحكاية إنما وقعت لسنمار المذكور في قوله :
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر وحسن فعل كما يجزى سنمار
لأن عدى بن حاتم صحابى من لب العرب، وضمير «بنوه» : لأبى الغيلان بالكسر. وسنمار بكسرتين فتشديد.
و«عن» متعلقة بجزى، أى : جزاء ناشئا عن كبر، وفيه معنى التهكم. ويجوز أنها بمعنى البدل، والأوجه أنها بمعنى بعد. وقيل : إنها بمعنى في، وليس بشيء، وعبر بالمضارع بدل الماضي استحضارا لما مضى، لأنه عجيب.


الصفحة التالية
Icon