الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه، وأحقه بالتقدم وأحراه. وقرئ : كفؤا، بضم الكاف والفاء. وبضم الكاف وكسرها مع سكون الفاء : فإن قلت. لم كانت هذه السورة عدل القرآن كله على قصر متنها وتقارب طرفيها؟ قلت : لأمر ما يسود من يسود، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات اللّه تعالى وعدله وتوحيده، وكفى دليلا من اعترف بفضلها وصدق بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيها : إنّ علم التوحيد من اللّه تعالى بمكان، وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم : يشرف بشرفه، ويتضع بضعه، ومعلوم هذا العلم هو اللّه تعالى وصفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز، فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله، وإنافته على كل علم، واستيلائه على قصب السبق دونه، ومن ازدراه فلضعف علمه بمعلومه، وقلة تعظيمه له، وخلوه من خشيته، وبعده من النظر لعاقبته. اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك العاملين لك، القائلين بعدلك وتوحيدك، الخائفين من وعيدك. وتسمى سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين. وروى أبىّ وأنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم :«أسست السماوات السبع والأرضون السبع على قل هو اللّه أحد» «١» يعنى ما خلقت إلا لتكون دلائل على توحيد اللّه ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة. عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه سمع رجلا يقرأ قل هو اللّه أحد فقال :«وجبت». قيل : يا رسول اللّه وما وجبت؟ قال :«وجبت له الجنة» «٢»

__
(١). لم أجده مرفوعا «و أخرجه ابن أبى شيبة في فضائل القرآن من رواية عبد اللّه بن غيلان الثقفي عن العب الأحبار موقوفا.
(٢). أخرجه الترمذي والنسائي والحاكم من حديث عبيد بن حنين عن أبى هريرة. وله شاهد في الطبراني الكبير من حديث أبى أمامة.


الصفحة التالية
Icon